لكن ورد النص بتعذيب بعض أهل الفترة كعمرو ابن لحي فيتلقى، ويعتقد فيمن ورد فيهم بخصوصهم، لا لأن ما فعلوه كفر بل لحكمة يعلمها الله تعالى لم نطلع عليها. انتهى ملخصاً. وحينئذ فالظاهر أنه لا يحصل الاتصال بين الآية وبين ما تقرر إلا بأن يلزم أن جملة العرب أمة ويصدق تقدم النذير فيها بتقدم إسماعيل وإن بني إسرائيل أمة، ويصدق تقدم النذير فيهم بتقدم عيسى ومن قبله فتأمل ثم سلى سبحانه نبيه - ﷺ - وعزاه فقال:
(وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم) من الأمم الماضية أنبياءهم (جاءتهم رسلهم بالبينات) أي بالمعجزات الواضحة والدلالات الظاهرة (وبالزبر) أي الكتب المكتوبة كصحف إبراهيم وهي ثلاثون، وكصحف موسى قبل التوراة وهي عشرة. وكصحف شيت وهي ستون فجملة الصحف مائة تضم لها الكتب الأربعة فجملة الكتب المنزلة على الأنبياء مائة وأربعة. قاله الحفناوي.
(وبالكتاب المنير) كالتوراة والإنجيل، قيل: الكتاب المنير داخل تحت الزبر، وتحت البينات، والعطف لتغاير المفهومات وإن كانت متحدة في الصدق، والأولى تخصيص البينات بالمعجزات، والزبر بالكتب التي فيها مواعظ، والكتاب بما فيه شرائع وأحكام، وجواب الشرط محذوف، أي فاصبر كما صبروا، وأن المذكور دليل له.
(ثم أخذت الذين كفروا) وضع الظاهر موضع المضمر يفيد التصريح بذمهم بما في حيز الصلة ويشعر بعلة الأخذ (فكيف كان نكير) الاستفهام تقريري كما قاله الكرخي، وينبغي أن يتأمل فيه، أي فكيف كان نكيري عليهم؟ وعقوبتي لهم؟ والنكير بمعنى الإنكار، وهو تغيير المنكر وقد مضى بيان هذا قريباً، ثم ذكر سبحانه نوعاً من أنواع قدرته الباهرة وخلقاً من مخلوفاته البديعة فقال:


الصفحة التالية
Icon