وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ إِنَّ اللَّهَ بِعِبَادِهِ لَخَبِيرٌ بَصِيرٌ (٣١) ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ (٣٢)
(والذي أوحينا إليك من الكتاب) يعني القرآن وقيل اللوح المحفوظ على أن من تبعيضية أو ابتدائية (هو الحق مصدقاً لما بين يديه) أي موافقاً لما تقدمه من الكتب (إن الله بعباده لخبير بصير) أي محيط بجميع أمورهم الباطنة والظاهرة.
(ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) إنما قدم المفعول الثاني لقصد التشريف والتعظيم للكتاب والمعنى ثم أورثنا الذين اصطفيناهم من عبادنا الكتاب، وهو القرآن، أي قضينا وقدرنا أن نورث العلماء من أمتك يا محمد هذا الكتاب الذي نزلناه عليك، فأورثنا استعارة تبعية سمى إعطاء الكتاب إياهم من غير كد وتعب في وصوله إليهم بتوريث الوارث.
و (من) للبيان أو للتبعيض، والمراد بعبادنا أمة الإجابة سواء حفظوه أو لا فهو عطية لجميعهم حتى من لم يحفظه لأنه قدوته، وفيه هدايته وبركته، ومعنى اصطفائهم: اختيارهم واستخلاصهم. ولا شك أن علماء هذه الأمة من الصحابة فمن بعدهم إلى يوم القيامة قد شرفهم الله على سائر العباد، وجعلهم أمة وسطاً ليكونوا شهداء على الناس، وأكرمهم بكونهم أمة خير الأنبياء وسيد ولد آدم عليه وعليهم الصلاة والسلام، وخصهم بحمل أفضل الكتب، قال مقاتل: يعني قرآن محمد جعلناه ينتهي إلى الذين اصطفيناهم من عبادنا، وقيل: إن المعنى أورثناه من الأمم السالفة أي أخرناه عنهم، وأعطيناه الذين اصطفينا، والأول أولى.


الصفحة التالية
Icon