وأخرج الترمذي وابن ماجة والحاكم وابن المنذر والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: " أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين، وأقلهم من يجوز ذلك ". قال الترمذي بعد إخراجه: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وعن ابن عباس في هذه الآية: هو ست وأربعون سنة، وعنه قال: العمر الذي أعذر الله إلى ابن آدم فيه بقوله: أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر؟ أربعون سنة.
(وجاءكم النذير) قال الواحدي قال جمهور المفسرين: هو النبي - ﷺ -، وقال عكرمة وسفيان بن عيينة ووكيع والحسن بن الفضل والفراء وابن جرير: هو الشيب ويكون معناه على هذا القول: أولم نعمركم حتى شبتم وقيل هو القرآن، وقيل الحمى قال الأزهري معناه أن الحمى رسول الموت أي كأنها تشعر بقدومه وتنذر بمجيئه والشيب نذير أيضاًً، لأنه يأتي في سن الاكتهال، وهو علامة لمفارقة سن الصبا الذي هو سن اللهو واللعب، وقيل: هو موت الأهل والأقارب، وقيل: هو كمال العقل، وقيل: البلوغ.
(فذوقوا فما للظالمين من نصير) الفاء لترتيب الأمر بالذوق على ما بلها من التعمير، ومجىء النذير، وفي " فما " للتعليل أي فذوقوا عذاب جهنم لأنكم لم تعتبروا ولم تتعظوا فما لكم ناصر يمنعكم من عذاب الله، ويحول بينكم وبينه قال مقاتل: فذوقوا فما للمشركين من مانع يمنعهم.
(إن الله عالم غيب السموات والأرض) قرأ الجمهور بالإضافة وقرىء التنوين ونصب غيب والمعنى: أنه عالم بكل شىء. ومن ذلك أعمالكم لا تخفى عليه منها خافية لو ردكم إلى الدنيا لم تعملوا صالحاً كما قال: (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه).
(إنه عليم بذات الصدور) تعليل لما قبله لأنه إذا علم مضمرات الصدور وهي أخفى من كل شيء علم ما فوقها بالأولى، وقيل: هذه الجملة مفسرة للجملة الأولى، (وذات) تأنيث (ذو) بمعنى صاحب أي بالأمور صاحبة الصدور، ومصاحبتها لها من حيث اختباؤها فيها.


الصفحة التالية
Icon