بعد إمساكه أو من بعد زوالهما، والجملة سادة مسد جواب القسم والشرط ومن الأولى زائدة والثانية ابتدائية. قال الفراء أي ولو زالتا ما أمسكهما من أحد، قال وهو مثل قوله: (وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا فَرَأَوْهُ مُصْفَرًّا لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ)، وقيل: المراد زوالهما يوم القيامة (إنه كان حليماً غفوراً) تعليل لما قبله من إمساكه تعالى السموات والأرض.
(وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم) المراد قريش أقسموا قبل أن يبعث الله محمداً - ﷺ - بهذا القسم حين بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم، قالوا: لعن الله اليهود والنصارى أتتهم الرسل فكذبوهم وأقسموا بالله لو جاءنا نذير لنكونن أهدى ديناً منهم فلما بعث محمد - ﷺ - كذبوه فأنزل الله هذه الآية والمعنى من إحدى الأمم المكذبة للرسل، والنذير: النبي. والهدى: الاستقامة، وكانت تتمنى أن يكون منهم رسول كما كان الرسل في بني إسرائيل، وأنث إحدى لكون أمة مؤنثة كما قال الأخفش، وقيل: المعنى من إحدى الأمم على العموم، وقيل: من الأمة التي يقال لها إحدى الأمم تفضيلاً لها.
(فلما جاءهم نذير) أي ما تمنوه وهو رسول الله - ﷺ - الذي هو أشرف نذير وأكرم رسول وكان من أنفسهم (ما زادهم) مجيئه (إلا نفوراً) منهم عنه وتباعداً عن إجابته.
(استكباراً في الأرض) أي لأجل الاستكبار والعتو، أو بدل من نفور أو حال، قاله الأخفش، وهذا جواب لما، وفيه دليل على أنها حرف لا ظرف، إذ لا يعمل ما بعد (ما) النافية فيما قبلها وتقدمت له نظائر، وإسناد الزيادة إلى النذير مجاز لأنه سبي في ذلك كقوله: (فزادتهم رجساً إلى رجسهم).


الصفحة التالية
Icon