قراءة الجماعة أي: إنا جعلنا في أعناقهم وفي أيديهم أغلالاً فهي إلى الأذقان.
فلفظ (هي) كناية عن الأيدي لا عن الأعناق والعرب تحذف مثل هذا ونظير (سرابيل تقيكم الحر) أي وسرابيل تقيكم البرد لأن ما وقى من الحر وقى من البرد لأن الغل إذا كان في العنق فلا بد أن يكون في اليد، ولا سيما وقد قال الله: (فهي إلى الأذقان) فقد علم أنه يراد به الأيدي فهم مقمحون، أي رافعو رؤوسهم لا يستطيعون الإطراق لأن من غلت يداه إلى ذقنه ارتفع رأسه.
وروي عن ابن عباس أنه قرأ (إنا جعلنا في أيديهم أغلالاً) وعن ابن مسعود أنه قرأ (إنا جعلنا في أيمانهم أغلالاً) كما روي سابقاً عن ابن عباس، وعنه قال: الأغلال ما بين الصدر إلى الذقن فهم مقمحون كما تقمح الدابة باللجام (١).
_________
(١) زاد المسير ٧/ ٦.
(وجعلنا من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً) أي منعناهم عن الإيمان بموانع فهم لا يستطيعون الخروج من الكفر إلى الإيمان كالمضروب أمامه وخلفه بالأسداد، والسد: بضم السين وفتحها لغتان. قال الضحاك: سداً أي الدنيا وسداً أي الآخرة، قيل: بالعكس (فأغشيناهم) بالغين المعجمة أي غطينا أبصارهم على حذف مضاف، وقرىء: بالعين المهملة من العشا، وهو ضعف البصر، ومنه: (ومن يعش عن ذكر الرحمن) فهم بسبب ذلك.
(لا يبصرون) أي لا يقدرون على إبصار شيء، قال الفراء: فألبسنا أبصارهم غشاوة أي عمى، فهم لا يبصرون سبيل الهدى، وكذا قال قتادة إن المعنى لا يبصرون الهدى، وقال السدي: لا يبصرون محمداً صلى الله عليه وآله وسلم حين ائتمروا على قتله.
وعن ابن عباس قال: في السد كانوا يمرون على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلا يرونه، وعنه أيضاًً قال: " اجتمعت قريش بباب النبي صلى


الصفحة التالية
Icon