يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (٣٠) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (٣١) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ (٣٢) وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤)
(يا حسرة على العباد) النصب على أنها منادى منكر، كأنه نادى الحسرة وقال لها: هذا أوانك فاحضري، وقيل: إنها منصوبة على المصدرية، والمنادى محذوف والتقدير: يا هؤلاء تحسروا حسرة، وقرىء: بالضم على النداء، قال الفراء في توجيه هذه القراءة: إن الاختيار النصب، وأنها لو رفعت النكرة لكان صواباً. واستشهد بأشياء نقلها عن العرب منها أنه سمع منهم: يا مهتم، بأمرنا لا تهتم.
قال النحاس: وفي هذا إبطال باب النداء أو أكثره، قال: وتقدير ما ذكره: يا أيها المهتم لا تهتم بأمرنا وحقيقة الحسرة أن يلحق الإنسان من الندم ما يصير به حسيراً، قال ابن جرير: المعنى يا حسرة من العباد على أنفسهم وتندماً وتلهفاً في استهزائهم برسل الله، وقرىء: يا حسرة العباد على الإضافة، ورويت هذه القراءة عن أبيّ. وقال الضحاك: إنها حسرة الملائكة على الكفار حين كذبوا الرسل، وقيل: هي من قول الرجل الذي جاء من أقصى المدينة.
وقيل: إن القائل يا (حسرة على العباد) هم الكفار المكذبون، والعباد الرسل، وذلك أنهم لما رأوا العذاب تحسروا على قتلهم وتمنوا الإيمان قاله أبو العالية ومجاهد. وقيل: إن التحسر عليهم هو من الله عز وجل بطريق الاستعارة لتعظيم ما جنوه، وقرىء: يا حسره بسكون الهاء إجراء للوصل مجرى الوقف، وقرىء يا حسرتا كما قرىء بذلك في سورة الزمر، قال


الصفحة التالية
Icon