بها لاجتماع الكل في مكان واحد وهو المحشر (١)، وقيل: معنى محضرون معذبون، والأولى أنه على معناه الحقيقي من الإحضار للحساب والجزاء ثم ذكر سبحانه البرهان على التوحيد والحشر مع تعداد النعم وتذكيرها فقال:
_________
(١) قال ابن كثير: وإن جميع الأمم الماضية والآتية ستحضر للحساب يوم القيامة بين يدي الله عز وجل فيجازيهم بأعمالهم كلها خيرها وشرها.
(وآية لهم) على البعث والتوحيد (الأرض الميتة) فآية خبر مقدم وتنكيرها للتفخيم، ولهم صفتها أو متعلقة بآية، لأنها بمعنى علامة، والأرض مبتدأ ويجوز أن يكون آية مبتدأ لكونها قد تخصصت بالصفة، وما بعدها الخبر. قرىء ميتة بالتشديد والتخفيف.
(أحييناها) مستأنفة مبينة لكيفية كونها آية، وقيل: هي صفة للأرض فنبههم الله بهذا على إحياء الموتى، وذكرهم نعمه، وكمال قدرته فإنه سبحانه أحيى الأرض بالنبات، وأخرج منها الحبوب التي يأكلونها ويتغذون بها، وهو معنى قوله:
(وأخرجنا منها حباً فمنه يأكلون) وهو ما يقتاتونه من الحبوب وتقديم منه للدلالة على أن الحب معظم ما يؤكل وأكثر ما يقوم به المعاش.
(وجعلنا فيها جنات من نخيل وأعناب) أي جعلنا في الأرض جنات من أنواع النخل والعقب وخصهما بالذكر لأنهما أعلى الثمار وأنفعها للعباد والنخل والنخيل بمعنى، والواحدة نخلة، وفي المصباح: النخل اسم جمع، والواحدة نخلة وكل جمع يفرق بينه وبين واحده بالتاء، فأهل الحجاز يؤنثونه وأهل نجد وتميم يذكرونه، وأما النخيل بالياء فمؤنثة. قال ابن أبي حاتم: لا اختلاف في ذلك، والأعناب جمع عنب. والعنب: الواحدة من العنب.
(وفجرنا فيها من العيون) أي فجرنا في الأرض بعضاً من العيون فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه، أو المفعول العيون، ومن مزيدة على رأي من جوز زيادتها في الإثبات والمراد بالعيون عيون الماء وقرأ الجمهور بالتشديد، وقرىء: بالتخفيف، والفجر والتفجير كالفتح والتفتيح لفظاً ومعنى واللام في قوله:


الصفحة التالية
Icon