الألوان والطعوم والأشكال والصغر والكبر فاختلافها هو ازدواجها قال قتادة يعني الذكر والأنثى (مما تنبت الأرض) بيان للأزواج والمراد كل ما نبت فيها من الأشياء المذكورة وغيرها لأنه أصناف.
(ومن أنفسهم) أي خلق الأزواج من أنفسهم وهم الذكور والإناث (ومما لا يعلمون) من أصناف خلقه في البر والبحر والسماء والأرض ففي الأودية والبحار أشياء لا يعلمها الناس؛ ولم يطلعهم الله عليها، ولا توصلوا إلى معرفتها ووجه الاستدلال في هذه الآية أنه إذا انفرد بالخلق فلا ينبغي أن يشرك به.
(وآية لهم الليل نسلخ منه النهار) الكلام في هذا كما قدمنا في قوله (وآية لهم الأرض) الخ والمعنى أن ذلك علامة دالة على توحيد الله وقدرته، ووجوب إلهيته. والسلخ الكشط والنزع، يقال: سلخه الله من بدنه، ثم يستعمل بمعنى الإخراج فجعل سبحانه ذهاب الضوء ومجيء الظلمة كالسلخ من الشيء وهو استعارة بليغة.
(فإذا هم مظلمون) أي داخلون في الظلام مفاجأة وبغتة. يقال: أظلمنا أي دخلنا في ظلام الليل، وأظهرنا دخلنا في وقت الظهر، وكذلك أصبحنا وأمسينا، وقيل منه بمعنى عنه. والمعنى نسلخ عنه ضوء النهار فإذا هم في ظلمة لأن ضوء النهار يتداخل في الهواء فيضيء، فإذا خرج منه أظلم.
قال الفراء: يرمي بالنهار على الليل فيأتي بالظلمة، وذلك أن الأصل هي الظلمة والنهار داخل عليه، فإذا غربت الشمس سلخ النهار من الليل أي كشط وأزيل فتظهر الظلمة، وظاهره يشعر بأن النهار طارىء على الليل، قال المرزوقي في الآية: دلت على أن الليل قبل النهار لأن المسلوخ منه يكون قبل المسلوخ كما أن المغطى قبل الغطاء، لكن كلامه في سورة الرعد مؤذن بأن بين الليل والنهار توالجاً وتداخلاً، قال تعالى: (يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل).


الصفحة التالية
Icon