عثمان: وسمى الآباء ذرية لأن منهم ذرء الأبناء وقيل الذرية النطف الكائنة في بطون النساء، وشبه البطون بالفلك المشحون. قاله علي بن أبي طالب ذكره الماوردي والراجح القول الثاني ثم الأول ثم الثالث، وأما الرابع: ففي غاية البعد والنكارة وقد تقدم الكلام في الذرية واشتقاقها في سورة البقرة مستوفى.
وقيل: إن الضمير في قوله (لهم) يرجع إلى العباد المذكورين في قوله يا حسرة على العباد، لأنه قال بعد ذلك: (وآية لهم الأرض الميتة)، وقال: (وآية لهم الليل)، ثم قال: (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنَا ذُرِّيَّتَهُمْ)، فكأنه قال: وآية للعباد أنا حملنا ذريات العباد، ولا يلزم أن يكون المراد بأحد الضميرين البعض منهم، وبالضمير الآخر البعض الآخر وهذا قول حسن. والمشحون: المملوء الموقر، والفلك يطلق على الواحد والجمع كما تقدم في يونس.
عن أبي مالك في الآية قال في سفينة نوح: حمل فيها من كل زوجين اثنين، وعن أبي صالح نحوه، وعنه في الآية قال: يعني الإبل خلقها الله كما رأيت فهي سفن البر يحملون عليها ويركبونها، ومثله عن الحسن وعكرمة وعبد الله بن شداد ومجاهد.
(وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) أي وخلقنا لهم مما يماثل الفلك ما يركبونه على أن (ما) هي الموصولة ومن زائدة وقال مجاهد وقتادة وجماعة من أهل العلم من المفسرين وهي الإبل خلقها لهم للركوب في البر مثل السفن المركوبة في البحر، والعرب تسمي الإبل سفائن البر، وقيل: المعنى وخلقنا لهم سفناً أمثال تلك السفن يركبونها، قاله الحسن والضحاك وأبو مالك، وقال النحاس: وهذا أصح لأنه متصل الإسناد عن ابن عباس، وقيل: هي السفن المتخذة بعد سفينة نوح. قلت: والعموم أولى ولا وجه للتخصيص، فيشمل كل ما يركب حيواناً كان أو جماداً دخاناً كان أو ريحاً، كالعجلات الحادثة في هذا الزمان، وما سيحدث في المستقبل بتلاحق الأفكار وتعامل الأيدي والأنظار.


الصفحة التالية
Icon