(وما خلفكم) منها قال قتادة: أي اتقوا ما بين أيديكم من الوقائع فيمن كان قبلكم من الأمم، وما خلفكم في الآخرة. وقال سعيد بن جبير ومجاهد: ما بين أيديكم ما مضى من الذنوب وما خلفكم ما بقي منها، وقيل: ما بين أيديكم الدنيا وما خلفكم الآخرة، قاله سفيان وحكى عكس هذا القول الثعلبي عن ابن عباس، وقيل: ما بين أيديكم ما ظهر لكم وما خلفكم ما خفي عنكم وجواب إذا محذوف، والتقدير إذا قيل لهم ذلك أعرضوا كما يدل عليه إلا كانوا عنها معرضين.
(لعلكم ترحمون) أي رجاء أن ترحموا أو كي ترحموا أو راجين أن ترحموا.
(وما تأتيهم من آية من آيات ربهم) ما هي النافية وصيغة المضارع للدلالة على التجدد ومن الأولى مزيدة للتوكيد والثانية للتبعيض والمعنى: ما تأتيهم من آية دالة على نبوة محمد ﷺ وعلى صحة ما دعا إليه من التوحيد في حال من الأحوال.
(إلا كانوا عنها معرضين) وظاهره يشمل الآيات التنزيلية والتكوينية، والمراد بالإعراض عدم الالتفات إليها وترك النظر الصحيح فيها، وهذه الآية متعلقة بقوله: يا حسرة على العباد ما يأتيهم من رسول إلا كانوا به يستهزئون إذا جاءتهم الرسل كذبوا، وإذا أتوا بالآيات أعرضوا عنها.
(وإذا قيل لهم) إشارة إلى أنهم أخلوا بجميع التكاليف لأن جملتها ترجع إلى أمرين: التعظيم لجانب الله والشفقة على خلق الله.
(أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ) أي تصدقوا على الفقراء مما أعطاكم الله وأنعم به عليكم من الأموال، قال الحسن: يعني اليهود أمروا بإطعام الفقراء، وقال مقاتل: إن المؤمنين قالوا لكفار قريش: أنفقوا على المساكين مما زعمتم أنه لله من أموالكم من الحرث والأنعام كما في قوله سبحانه: (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً) فكان جوابهم ما حكاه الله عنهم بقوله:


الصفحة التالية
Icon