وقال الخليل في كتاب العين: إن ما جاء من السجع على جزأين لا يكون شعراً، قال ابن العربي: والأظهر من حاله أنه قال: لا كذب برفع الباء من كذب وبخفضها من عبد المطلب، قال النحاس قال بعضهم: إنما الرواية بالإعراب وإذا كانت بالإعراب لم يكن شعراً لأنه إذا فتح الباء من الأول أو ضمها أو نونها وكسر الباء من الثاني خرج عن وزن الشعر، وقيل: إن الضمير في (له) عائد إلى القرآن أي: وما ينبغي للقرآن أن يكون شعراً.
أخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم قال: " بلغني أنه قيل لعائشة هل كان رسول الله ﷺ يتمثل بشيء من الشعر؟ قالت: كان أبغض الحديث إليه غير أنه كان يتمثل ببيت أخي بني قيس، فيجعل أوله آخره، يقول ويأتيك من لم تزود بالأخبار، فقال أبو بكر ليس هكذا. فقال رسول الله ﷺ إني والله ما أنا بشاعر ولا ينبغي لي " (١)، وهذا يرد ما نقلناه عن الخليل سابقاً أن الشعر كان أحب إلى رسول الله ﷺ من كثير من الكلام.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد عنها قالت: كان رسول الله ﷺ إذا استراث الخبر تمثل ببيت طرفة.
ويأتيك بالأخبار من لم تزود (١)
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عباس قال: " كان رسول الله ﷺ يتمثل من الأشعار. ويأتيك الخ "، وأخرج البيهقي في سننه عن عائشة: " قالت ما جمع رسول الله ﷺ بيت شعر قط إلا بيتاً واحداً.

تفاءل بما تهوى يكن فلقلما يقال لشيء كان إلا تحقق
قالت عائشة: ولم يقل تحققا لئلا يعربه فيصير شعراً، وإسناده هكذا. قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ يعني الحاكم حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد بن نعيم
_________
(١) رواه أحمد في المسند وذكره السيوطي في الدر ٥/ ٢٦٨ والطبري في التفسير ٢٣/ ٢٧.


الصفحة التالية
Icon