عن القبيح والأول أولى، وانتصاب صفاً وزجراً على المصدرية لتأكيد ما قبلهما وقيل: المراد بالزاجرات العلماء لأنهم هم الذين يزجرون أهل العاصي عن المعاصي والزجر في الأصل الدفع بقوة، وهو هنا قوة التصويت ومنه زجرت الإبل والغنم إذا أفزعتها بصوتك.
(فالتاليات ذكراً) أي الملائكة التي تتلو القرآن كما قال ابن مسعود وابن عباس والحسن ومجاهد وابن جبير والسدي، وقيل: المراد جبريل وحده فذكر بلفظ الجمع تعظيماً له مع أنه لا يخلو من أتباع له من الملائكة، وقال قتادة: المراد كل من تلا ذكر الله وكتبه، وقيل: المراد آيات القرآن ووصفها بالتلاوة وإن كانت متلوة، كما في قوله: (إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل). وقيل: لأن بعضها يتلو بعضاً ويتبعه.
وذكر الماوردي: أن التاليات هم الأنبياء يتلون الذكر على أممهم؛ وانتصاب ذكراً على أنه مفعول به، ويجوز أن يكون مصدراً كما قبله، قيل: وهذه الفاء في قوله: فالزاجرات فالتاليات إما لترتيب الصفات أنفسها في الوجود، أو لترتيب موصوفاتها في الفضل؛ وفي الكل نظر.
(إن إلهكم لواحد) جواب القسم أي: أقسم الله بهذه الأقسام أنه واحد ليس له شريك وأجاز الكسائي: فتح إن الواقعة في جواب القسم وإنما أقسم بهذه الأشياء للتنبيه على شرف ذواتها وكمال مراتبها، والرد على عبدة الأصنام في قولهم، وللتأكيد لما تقدم لا سيما والقرآن أنزل بلغة العرب، وإثبات المطالب بالحلف واليمين طريقة مألوفة عندهم، قال ابن الأنباري: الوقف على (لواحد) وقف حسن ثم يبتدىء.
(رب السموات والأرض) على معنى هو ربهما، وقيل: غير ذلك، والمعنى في الآية: إن وجود هذه المخلوقات على هذا الشكل البديع من أوضح الدلائل على وجود الصانع وقدرته وأنه رب ذلك كله، أي خالقه ومالكه (وما بينهما) أي من المخلوقات والكائنات.


الصفحة التالية
Icon