والدحور الطرد، تقول: دحرته دحراً ودحوراً طردته، قرىء يقذفون مبنياً للمفعول وللفاعل، وهي غير مطابقة لما هو المراد من النظم القرآني، وقيل: دحوراً أي مدحورين، وقيل: هو جمع داحر نحو قاعد وقعود فيكون حالاً، وقيل: إنه مصدر لمقدر أي يدحرون دحوراً.
وقال الفراء: إن المعنى يقذفون بما يدحرهم أي بدحور ثم حذفت الباء فانتصب بنزع الخافض، قرأ الجمهور دحوراً بضم الدال، وقرىء بفتحها، واختلف هل كان هذا الرمي لهم بالشهب قبل المبعث أو بعده، فقال بالأول طائفة وبالآخر آخرون، وقالت طائفة بالجمع بين القولين إن الشياطين لم تكن ترمى قبل المبعث رمياً يقطعها عن السمع، ولكن كانت ترمى وقتاً ولا ترمى وقتاً آخر وترمى من جانب ولا ترمى من جانب آخر ثم بعد المبعث رميت في كل وقت ومن كل جانب حتى صارت لا تقدر على استماع شيء.
(ولهم عذاب واصب) أي دائم لا ينقطع والمراد به العذاب في الآخرة غير العذاب الذي لهم في الدنيا من الرمي بالشهب، وقال مقاتل: يعني دائماً إلى النفخة الأولى، والأول أولى.
وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن الواصب الدائم وقال السدي وأبو صالح والكلبي هو الموجع الذي يصل وجعه إلى القلب، مأخوذ من الوصب أو الوصوب وهو المرض، وقيل هو الشديد.
(إلا من خطف الخطفة) الاستثناء هو من قوله (لا يسمعون) أو من قوله (ويقذفون) وقيل الاستثناء راجع إلى غير الوحي لقوله: (إنهم عن السمع لمعزولون) بل يخطف الواحد منهم خطفة مما يتفاوض فيه الملائكة، ويدور بينهم مما سيكون في العالم قبل أن يعلمه أهل الأرض، والخطف الاختلاس مسارقة وأخذ الشيء بسرعة، قرأ الجمهور: خطف بفتح الخاء وكسر الطاء مخففة وقرىء بكسرهما وتشديد الطاء وهي لغة تميم بن مر وبكر بن وائل وقرىء بفتح الخاء وكسر الطاء مشددة: وقرأ ابن عباس بكسرهما مع تخفيف


الصفحة التالية
Icon