الذي لأجله كذبوا الرسل وما نزل عليهم، واستهزأوا بما جاؤوا به من المعجزات، وقد تقدم تفسير معنى هذه الآية في مواضع.
(أو آباؤنا الأولون) هو مبتدأ وخبره محذوف أي آباؤنا الأولون مبعوثون يعنون أنهم أقدم فبعثهم أبعد وأبطل، وقيل: معطوف على إن واسمها، وقيل: على الضمير في مبعوثون لوقوع الفصل بينهما والهمزة للإنكار داخلة على حرف العطف ولهذا قرأ الجمهور بفتح الواو وقرىء: بسكونها على أن أو هي العاطفة، وليست الهمزة للاستفهام، ثم أمر الله سبحانه رسوله بأن يجيب عنهم تبكيتاً لهم فقال:
(قل نعم) كلكم مبعوثون (وأنتم داخرون) أي صاغرون ذليلون والخطاب لهم ولآبائهم بطريق التغليب، والجملة حال من فاعل ما دل عليه نعم، قال الواحدي: والدخور أشد الصغار، ثم ذكر سبحانه أن بعثهم يقع بزجرة واحدة فقال:
(فإنما) أي إذا كان الأمر كذلك فإنما.
(هي زجرة واحدة) أو لا تستصعبوه، فإنما هي زجرة واحدة، والضمير للقصة أو البعثة المفهومة مما قبلها أي إنما قصة البعث أو البعثة صيحة واحدة من إسرافيل بنفخة في الصور عند البعث، وقال الحسن: هي النفخة الثانية، وسميت الصيحة زجرة لأن المقصود منها الزجر من قولك: زجر الراعي الإبل أو الغنم إذا صاح عليها.
(فإذا هم) أحياء بصراء (ينظرون) أي يبصرون سوء أعمالهم أو ينتظرون ما يفعل الله بهم من العذاب والأول أولى.
(وقالوا) أي قال أولئك المبعوثون لما عاينوا البعث الذي كانوا يكذبون به في الدنيا (يا ويلنا) دعوا بالويل على أنفسهم، قال الزجاج: الويل كلمة يقولها القائل وقت الهلكة، وقال الفراء: إن أصله يا وي لنا ووي بمعنى الحزن، كأنه قال: يا حزن لنا، قال النحاس: ولو كان كما قال لكان منفصلاً، وهو في المصحف متصل، ولا نعلم أحداً يكتبه إلا متصلاً والوقف هنا تام لأن ما بعده كلام مستقل وجملة.


الصفحة التالية
Icon