الخامس:
(فأغويناكم) أي أضللناكم عن الهدى ودعوناكم إلى ما كنا فيه من الغي وزينا لكم ما كنتم عليه من الكفر، فاستجبتم لنا باختياركم، واستحبابكم الغي على الرشد.
(إنا كنا غاوين) فلا عتب علينا في تعرضنا لإغوائكم بتلك الدعوة لأنا أردنا أن تكونوا أمثالنا في الغواية، ومعنى الآية: أقدمنا على إغوائكم لأنا كنا موصوفين في أنفسنا بالغواية، فأقروا ههنا بأنهم تسببوا لإغوائهم لكن لا بطريق القهر والغلبة، ونفوا عن أنفسهم فيما سبق أنهم قهروهم وغلبوهم فقالوا: (وما كان لنا عليكم من سلطان) ثم أخبر الله سبحانه عن الاتباع والمتبوعين بقوله:
(فإنهم يومئذ) أي يوم إذ يتساءلون ويتحاورون ويتخاصمون بما سبق (في العذاب مشتركون) كما كانوا مشتركين في الغواية
(إنا كذلك نفعل بالمجرمين) أي بأهل الإجرام، وهم المشركون كما يفيده قوله سبحانه:
(إنهم كانوا إذا قيل لهم) قولوا (لا إله إلا الله يستكبرون) عن القبول.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه والبيهقي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه وحسابه على الله " (١).
وأنزل الله في كتابه.
وذكر قوماً استكبروا فقال: (إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون) وقال: (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا) وهي لا إله إلا الله محمد رسول الله استكبر عنها المشركون يوم الحديبية يوم كاتبهم رسول الله ﷺ على قضية المدة، وعن ابن عباس قال: كانوا إذا لم يشرك بالله يستنكفون.
_________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم عن أبي هريرة مرفوعاً.


الصفحة التالية
Icon