حسن منظره وطيبه ولذته ورائحته وطعمه وعدم انقطاعه، قال قتادة: يعني الجنة وقيل: معلوم الوقت وهو أن يعطوا منه بكرة وعشياً كما في قوله: (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً) والنفس إليه أسكن.
وقيل: معلوم خصائصه من الدوام، وتمحض اللذة، وقيل: معلوم القدر الذي يستحقونه بأعمالهم من ثواب الله تعالى، وقيل: هو المذكور في قوله بعده
(فواكه) فإنه بدل من رزق أو هو فواكه، وهذا هو الظاهر؛ والفواكه جمع فاكهة وهي الثمار كلها رطبها ويابسها وخصص الفواكه بالذكر لأن أرزاق أهل الجنة كلها فواكه كذا قيل والأولى أن يقال: إن تخصيصها بالذكر لأنها أطيب ما يأكلونه وألذ ما تشتهيه أنفسهم، وقيل: إن الفواكه من أتباع سائر الأطعمة فذكرها يغني عن ذكر غيرها.
(وهم مكرمون) في محل نصب على الحال أي: ولهم من الله عز وجل إكرام عظيم برفع درجاتهم عنده وسماع كلامه ولقائه في الجنة أو مكرمون في نيل ثواب يصل إليهم من غير تعب وسؤال، كما عليه رزق الدنيا. قرىء: مكرمون بتخفيف الراء وبتشديدها.
(في جنات النعيم على سرر متقابلين) قال عكرمة ومجاهد معنى التقابل أنه لا ينظر بعضهم في قفا بعضهم تواصلاً وتحابباً، وقيل: إنها تدور بهم الأسرة كيف شاءوا فلا يرى بعضهم قفا بعض، قرأ الجمهور: سرر بضم الراء وقرىء بفتحها، وهي لغة بعض تميم قيل: على سرر مكللة بالدر والياقوت والزبرجد، والسرير ما بين صنعاء إلى الجابية وما بين عدن إلى أيلة وقيل: تدور بأهل المنزل الواحد والله أعلم. ذكره القرطبي.
ثم ذكر سبحانه صفة أخرى لهم فقال:
(يطاف عليهم بكأس) مستأنفة جواب سؤال مقدر، أو في محل نصب على الحال، والكأس عند أهل اللغة ما كان من الزجاج، وهو اسم شامل لكل إناء فيه الشراب، فإن كان فارغاً فليس بكأس، وقد تسمى الخمر كأساً تسمية للشيء باسم محله، قال الشاعر:


الصفحة التالية
Icon