وقال سعيد بن جبير: أشار لهم إلى مرض يسقم ويعدي وهو الطاعون، وكانوا يهربون من ذلك.
قال ابن عباس: سقيم أي مريض، وقال أيضاًً: مطعمون ولهذا قال:
(فتولوا عنه مدبرين) أي تركوه وذهبوا مخافة العدوى.
(فراغ إلى آلهتهم) يقال: راغ يروغ روغاً وروغاناً إذا مال، ومنه طريق رائغ أي مائل، وقال السدي: ذهب إليهم، وقال أبو مالك: جاء إليهم، وقال الكلبي: أقبل عليهم، والمعنى متقارب. وكانت اثنين وسبعين صنماً من حجر وخشب وذهب وفضة ونحاس وحديد ورصاص، وكان كبيرها من ذهب مكللاً بالجواهر (فقال) إبراهيم للأصنام التي راغ إليها استهزاء وسخرية (ألا تأكلون)؟ من الطعام الذي كانوا يصنعونه لها وخاطبها كما يخاطب من يعقل لأنهم أنزلوها بتلك المنزلة وكذا قوله:
(ما لكم لا تنطقون)؟ فإنه خاطبهم خطاب من يعقل والاستفهام للتهكم بهم، لأنه قد علم أنها جمادات لا تنطق، قيل: إنهم تركوا عند أصنامهم طعامهم للتبرك بها وليأكلوه إذا رجعوا من عيدهم، وقيل: تركوه للسدنة، وقيل: إن إبراهيم هو الذي قرب إليها الطعام مستهزئاً بها.
(فراغ عليهم ضرباً باليمين) أي فمال عليهم ضربهم ضرباً، مصدر مؤكد لفعل محذوف، أو هو مصدر لراغ لأنه بمعنى ضرب، قال الواحدي: قال المفسرون يعني بيده اليمنى يضربهم بها: وقال السدي: بالقوة والقدرة لأن اليمين أقوى اليدين، قال الفراء وثعلب: ضرباً بالقوة واليمين القوة، وقال الضحاك والربيع ابن أنس: المراد باليمين اليمين التي حلفها حين قال: (وتالله لأكيدن أصنامكم) وقيل: المراد باليمين هنا العدل كما في قوله: (ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين) أي بالعدل، واليمين كناية عن العدل كما أن الشمال كناية عن الجور وأولى هذه الأقوال أُولاها.
(فأقبلوا إليه يزفون) أي أقبل إليه عبدة تلك الأصنام يسرعون لما