علموا بما صنعه بها فقالوا نحن نعبدها وأنت تكسرها، ويزفون في محل نصب على الحال حال من فاعل أقبلوا، قرأ الجمهور بفتح الياء من زف الظليم يزف إذا عدا بسرعة، وقرىء: بضم الياء من أزف يزف أي دخل في الزفيف، أو يحملون غيرهم على الزفيف.
قال الأصمعي: أزففت الإبل أي حملتها على أن تزف، وقيل: هما لغتان يقال: زف القوم وأزفوا وزفت العروس وأزففتها حكي ذلك عن الخليل، قال النحاس: زعم أبو حاتم أنه لا يعرف هذه اللغة، يعني يزفون بضم الياء، وقد عرفها جماعة من العلماء منهم الفراء وشبهها بقولهم: اطردت الرجل أي صيرته إلى ذلك، وقال المبرد: الزفيف الإسراع.
قال الزجاج: الزفيف أول عدو النعام وقال قتادة والسدي معنى يزفون يمشون وقال الضحاك يسعون، وقال يحيى بن سلام: يرعدون غضباً، وقال مجاهد: يختالون أي يمشون مشي الخيلاء، وقيل: يتسللون تسللاً بين المشي والعدو والأولى تفسيره بيسرعون، وقال ابن عباس: يزفون يخرجون وقرىء: يزفون على البناء للمفعول؛ وقرىء: على زنة يرمون، وحكى الثعلبي عن الحسن ومجاهد وابن السميفع أنهم قرأوا يرفون بالراء المهملة وهي ركض بين المشي والعدو ولما أنكروا على إبراهيم ما فعله بالأصنام ذكر لهم الدليل الدال على فساد عبادتها و
(قال) مبكتاً لهم ومنكراً عليهم:
(أتعبدون ما تنحتون) أي أتعبدون أصناماً أنتم تنحتونها، والنحت النجر والبري؛ نحته ينحته بالكسر نحتاً أي براه والنحاتة البراية، ووجه التوبيخ ظاهر وهو أن الخشب والحجر قبل النحت والإصلاح ما كان معبوداً البتة فإذا نحته وشكله على الوجه المخصوص لم يحدث فيه إلا آثار تصرفه عن هيئته، فلو صار معبوداً لهم عند ذلك لزم أن الشيء الذي لم يكن معبوداً إذا حصل فيه آثار صار معبوداً وفساده واضح.


الصفحة التالية
Icon