فَبَشَّرْنَاهُ بِغُلَامٍ حَلِيمٍ (١٠١) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (١٠٢)
(فبشرناه بغلام حليم) يدل على أنه ما أراد بقوله: (رب هب لي من الصالحين) إلا الولد، والمعنى: بشرناه به على لسان الملائكة الذين جاؤوا له في صورة الأضياف، ثم انتقلوا من قريته إلى قرية لوط كما تقدم في هود، ويأتي في الذاريات، ومعنى حليم أن يكون حليماً عند كبره فكأنه بشر ببقاء ذلك الغلام حتى يكبر ويصير حليماً لأن الصغير لا يوصف بالحلم، قال الزجاج: هذه البشارة تدل على أنه مبشر بابن ذكر وأنه يبقى حتى ينتهي في السن ويوصف بالحلم.
(فلما بلغ معه السعي) في الكلام حذف كما تشعر به هذه الفاء الفصيحة النقد فوهبنا له الغلام فنشأ حتى صار إلى السن التي يسعى فيها مع أبيه في أمور دنياه معيناً له على أعماله. قال مجاهد: أي لما شب وأدرك سعيه سعي إبراهيم، قال ابن عباس: شب حتى بلغ سعيه سعي أبيه في العمل، وقال مقاتل: لما مشى معه، قال الفراء: كان يومئذ ابن ثلاث عشرة سنة، وقال الحسن: هو سعي العقل الذي تقوم به الحجة، وقال ابن زيد: هو السعي في العبادة، وقيل: هو الاحتلام.
(قال) إبراهيم لابنه لما بلغ ذلك المبلغ: (يا بني) بفتح الياء وكسرها سبعيتان (إني أرى في المنام أني أذبحك) أي أفعل الذبح، أو أومر به فهما احتمالان ويشير للثاني قوله: افعل ما تؤمر، ويشير للأول: قد صدقت الرؤيا، والمعنى إني رأيت في المنام هذه الرؤيا.


الصفحة التالية
Icon