نهاك عنهم، لأنه حكيم " ولا يخفى بعد هذه الدلالة التي زعمها ولكن هذه الجملة تعليل لجملة الأمر بالتقوى، والنهي عن طاعة الكافرين والمنافقين، والمعنى: أنه لا يأمرك أو ينهاك إلا بما علم فيه صلاحاً أو فساداً لكثرة علمه، وسعة حكمته.
(واتبع) في جميع أمورك (ما يوحى إليك من ربك) من القرآن ولا تتبع شيئاًً مما عداه من مشورات الكافرين والمنافقين، ولا من الرأي البحت، فإن فيما أوحي إليك ما يغنيك عن ذلك.
(إن الله كان بما تعلمون خبيراً) تعليل لأمره باتباع ما أوحي إليه، وتأكيد لموجبه، والأمر له - ﷺ - أمر لأمته، فهم مأمورون باتباع القرآن، كما هو مأمور باتباعه، ولهذا جاء بخطابه وخطابهم في قوله: بما تعلمون على قراءة الجمهور بالفوقية على الخطاب، وقرىء بالتحتية، والواو ضمير الكفرة والمنافقين، أي: إنه خبير بمكايدهم؛ فيدفعها عنك.
(وتوكل على الله) أي اعتمد عليه وفوض أمورك إليه (وكفى بالله وكيلاً أي حافظاً يحفظ من توكل عليه، وقيل: كفيلاً برزقك، وقال الزجاج: لفظه وإن كان لفظ الخبر فالمعنى اكتف بالله وكيلاً، ثم ذكر سبحانه مثلاً توطئة وتمهيداً لما يتعقبه من الأحكام القرآنية التي هي من الوحي الذي أمره الله باتباعه فقال:
(ما جعل الله لرجل من قلبين في جوفه) وقيل: هي مثل ضربه الله للمظاهر، أي: كما لا يكون للرجل قلبان كذلك لا تكون امرأة المظاهر أمه حتى تكون له أمان وكذلك لا يكون الدعي ابن الرجل، وقيل كان الواحد من المنافقين يقول: لي قلب يأمرني بكذا، وقلب بكذا فنزلت الآية برد النفاق وبيان أنه لا يجتمع مع الإسلام؛ كما لا يجتمع قلبان، والقلب بضعة صغيرة على هيئة الصنوبرة خلقها الله وجعلها محلاً للعلم و (من) زائدة وقال: في جوفه لأنه معدن الروح الحيواني المتعلق للنفس الإنساني ومنبع القوى بأسرها؛ فيمتنع


الصفحة التالية
Icon