عن أن يصفوا الله بشيء من ذلك، وقد قرىء: بفتح اللام وكسرها ومعناهما ما بيناه قريباً، وقيل هو استثناء من المحضرين أي إنهم يحضرون النار إلا من أخلص فيكون متصلاً لا منقطعاً، قاله أبو البقاء. وعلى هذا تكون جملة التسبيح معترضة، ثم خاطب الكفار على العموم أو كفار مكة على الخصوص فقال:
(فإنكم وما تعبدون ما أنتم عليه بفاتنين) أي فإنكم وآلهتكم التي تعبدون من دون الله لستم بفاتنين على الله بإفساد عباده، وإضلالهم، وعلى متعلقة بفاتنين والواو في وما تعبدون إما للعطف على اسم إن أو هو بمعنى مع وما موصولة أو مصدرية أي فإنكم والذي تعبدون أو وعبادتكم ومعنى فاتنين مضلين، يقال: فتنت الرجل وأفتنته ويقال فتنه على الشيء وبالشيء كما يقال: أضله على الشيء، وأضله به، قال الفراء: أهل الحجاز يقولون فتنته، وأهل نجد يقولون: أفتنته، ويقال: فتن فلان على فلان امرأته، أي أفسدها عليه، فالفتنة هنا بمعنى الإضلال والإفساد، قال مقاتل: يقول ما أنتم بمضلين أحداً بآلهتكم إلا من قدر الله له أن يصلى الجحيم.
و (ما) في
(ما أنتم) نافية. (وأنتم) خطاب لهم ولمن يعبدونه على التغليب، قال الزجاج: أهل التفسير مجمعون فيما علمت أن المعنى ما أنتم بمضلين أحداً إلا من قدر الله عز وجل عليه أن يضل، والجملة تعليل وتحقيق لبراءة المخلصين ببيان عجزهم عن إغوائهم وإضلالهم، والالتفات إلى الخطاب لإظهار كمال الاعتناء بتحقيق مضمون الكلام.
(إلا من هو صال الجحيم) أي إلا من سبق له في علم الله الشقاوة وأنه سيدخل النار، والاستثناء مفرغ قاله السمين. وهذا من حيث اللفظ، وأما من حيث المعنى فهو استثناء من المفعول المقدر، وقال ابن عباس: في الآية إنكم يا معشر المشركين وما تعبدون يعني الآلهة ما أنتم عليه بمضلين إلا من سبق في علمه أنه سيصلى الجحيم، وعنه قال: يقول إنكم لا تضلون أنتم ولا أضل منكم إلا من قضيت عليه أنه صال الحجيم وعنه قال: لا تفتنون إلا من


الصفحة التالية
Icon