الحجاج وملاحم القتال في الدنيا. وعلوهم عليهم في الآخرة، وعن ابن عباس: إن لم ينصروا في الدنيا نصروا في العقبى، والحاصل أن قاعدة أمرهم وأساسه الظفر والنصرة، وإن وقع في تضاعيف ذلك شوب من الابتلاء والمحنة فالعبرة للغالب، ويعطي الأكثر حكم الكل ويلحق القليل بالعدم أو الغلبة باعتبار عاقبة الحال، وملاحظة المآل، ثم أمر سبحانه رسوله بالإعراض عنهم والإغماض عما يصدر منهم من الجهالات والضلالات فقال:
(فتول عنهم حتى حين) أي أعرض عنهم إلى مدة معلومة عند الله سبحانه وهي مدة الكف عن القتال، قال السدي ومجاهد: حتى نأمرك بالقتال وقال قتادة: إلى الموت. وقيل: إلى يوم بدر، وقيل: إلى يوم فتح مكة. قيل هذه الآية منسوخة بآية السيف والأول أولى؛ وكان ﷺ أول الأمر مأموراً بالتبليغ والإنذار والصبر على أذى الكفار تأليفاً لهم. ثم أمر بالجهاد في السنة الثانية من الهجرة. قال ابن حجر رحمه الله: وغزواته ﷺ سبع وعشرون غزوة، قاتل في ثمان منها بنفسه: بدر وأحد والمصطلق والخندق وقريظة؛ وخيبر، وحنين، والطائف أهـ.
(وأبصرهم) إذا نزل بهم العذاب بالقتل والأسر؛ وما هيأنا لهم (فسوف يبصرون) ذلك عن قريب حين لا ينفعهم الإبصار؛ وسوف هنا للوعيد لا للتبعيد؛ إذ ليس المقام مقامه، كما تقول: سوف أنتقم منك؛ وأنت متهيء للانتقام؛ قاله الكرخي ولذا عبر بالإبصار عن قرب الأمر كأنه حاضر قدامه. مشاهد له. خصوصاً إذا قيل: إن الأمر للفور، وقيل: يبصرون العذاب يوم القيامة؛ ثم هددهم سبحانه بقوله: (
أفبعذابنا يستعجلون)؟ كانوا يقولون من فرط تكذيبهم: متى هذا العذاب؟.
(فإذا نزل بساحتهم) إذا نزل عذاب الله لهم بفنائهم والساحة في اللغة فناء الدار الواسع الخالي من الأبنية وجمعها سوح، قال الفراء: نزل بهم، نزل بساحتهم سواء؛ قال الزجاج: وكان عذاب هؤلاء بالقتل، قيل: المراد به