الخندق، وقد يكون ظرف زمان، أي عند ذلك الوقت ابتلوا وهو منصوب بابتلى، وقيل: بتظنون، واستضعفه ابن عطية، والمعنى: إن في ذلك المكان أو الزمان اختبر المؤمنون بالخوف والقتال والجوع والحصر وغيرها ليتبين المؤمن من المنافق وامتحنوا بالصبر على الإِيمان.
(وزلزلوا زلزالاً شديداً) قرأ الجمهور زلزلوا بضم الزاى الأولى؛ وكسر الثانية على ما هو الأصل في المبني للمفعول، وروي عن أبي عمرو أنه قرأ بكسر الأولى وروى الزمخشري عنه أنه قرأ بإشمامها كسراً، وقرأ الجمهور زلزالاً بكسر الزاي الأولى وقرأ عاصم، والجحدري، وعيسى بن عمر بفتحها، وهما لغتان.
قال الزجاج: كل مصدر من المضاعف على فعلال يجوز فيه الكسر والفتح نحو قلقلته قلقالاً وزلزلوا زلزالاً، والكسر أجود، وقد يراد بالمفتوح اسم الفاعل نحو صلصال، بمعنى مصلصل، وزلزال بمعنى مزلزل قال ابن سلام معنى زلزلوا حركوا بالخوف تحريكاً شديداً بليغاً.
وقال الضحاك: هو إزاحتهم عن أماكنهم حتى لم يكن لهم إلا موضع الخندق. وقيل: المعنى أنهم اضطربوا اضطراباً مختلفاً، فمنهم من اضطرب في نفسه، ومنهم من اضطرب في دينه.
(وإذ يقول المنافقون) يعني: معتب بن قشير، وقيل عبد الله بن أبيّ وأصحابه (والذين في قلوبهم مرض) هو الشك والريبة أي أهل الشك والاضطراب، قيل هم قوم لا بصيرة لهم في الدين كان المنافقون يستميلونهم بإدخال الشبهة عليهم: (ما وعدنا الله ورسوله) من النصر والظفر أو فتح فارس والروم (إلا غروراً) أي: باطلاً من القول، وكان القائلون بهذه المقالة نحو سبعين رجلاً من أهل النفاق والشك، وهذا القول المحكي عن هؤلاء كالتفسير للظنون المذكورة، أي كان ظن هؤلاء هذا الظن كما كان ظن المؤمنين النصر، وإعلاء كلمة الله.


الصفحة التالية
Icon