(وَلَقَدْ كَانُوا عَاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لَا يُوَلُّونَ الْأَدْبَارَ وَكَانَ عَهْدُ اللَّهِ مَسْئُولاً (١٥) قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ وَإِذاً لَا تُمَتَّعُونَ إِلَّا قَلِيلاً (١٦) قُلْ مَنْ ذَا الَّذِي يَعْصِمُكُمْ مِنَ اللَّهِ إِنْ أَرَادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرَادَ بِكُمْ رَحْمَةً وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (١٧) قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لإِِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلاً (١٨) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً (١٩))
(ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل) أي حلفوا من قبل غزوة الخندق، ومن بعد بدر أن لا يولوا ظهورهم فراراً من العدو، بل يثبتوا على القتال حتى يموتوا شهداء، وهم قوم لم يحضروا وقعة بدر. قال قتادة وذلك أنهم غابوا عن بدر، ورأوا ما أعطى الله أهل بدر من الكرامة والنصر فقالوا: لئن أشهدنا الله قتالاً لنقاتلن.
(لا يولون الأدبار) أي لا ينهزمون وجاء على حكاية اللفظ فجاء بلفظ الغيبة، ولو جاء على حكاية المعنى لقيل: لا نولي (وكان عهد الله مسؤولاً) عنه ومطلوباً صاحبه بالوفاء به، ومجازي على ترك الوفاء به.
(قل لن ينفعكم الفرار إن فررتم من الموت أو القتل) لأنه لا بد لكل إنسان من الموت إما حتف نفسه أو بقتل بالسيف في وقت معين، سبق به القضاء وجرى به القلم، فمن حضر أجله مات أو قتل، فرّ أو لم يفر.
(وإذاً لا تمتعون). أي: وإن نفعكم الفرار مثلاً فمتعتم بالتأخير لم يكن ذلك التمتع (إلا) تمتعاً أو زماناً (قليلاً) بعد فراركم إلى أن تنقضي


الصفحة التالية
Icon