قال بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين " (١)، متفق عليه.
ولما ذكر سبحانه الجنة ووصفها بوصف يوجب الرغبة والشوق إليها أتبعه بذكر الدنيا ووصفها بوصف يوجب الرغبة عنها، والنفرة منها، فذكر تمثيلاً لها في سرعة زوالها وقرب اضمحلالها، مع ما في ذلك من ذكر نوع من أنواع قدرته الباهرة، وصنعه البديع فقال:
_________
(١) صحيح الجامع الصغير ٢٠٢٢ و٢٠٢٣.
(ألم تر أن الله أنزل من السماء ماءً) أي من السحاب مطراً (فسلكه) أي فأدخله وأسكنه (ينابيع) أي عيونا ومسالك ومجاري وركايا (في الأرض) كالعروق في الجسد، والينابيع جمع ينبوع من نبع الماء ينبع، والينبوع عين الماء والأمكنة التي ينبع منها الماء من خلال الأرض أو نفس الماء الجاري والمعنى:
أدخل الماء النازل من السماء في الأرض، وجعله فيها عيوناً جارية أو جعله في ينابيع أي في أمكنة ينبع منها الماء فهو على الوجه الثاني منصوب بنزع الخافض، قال مقاتل: فجعله ركايا وعيوناً في الأرض، وقال ابن عباس ما في الأرض ماء إلا نزل من السماء، ولكن عروق في الأرض تغيره، فذلك قوله (فسلكه ينابيع في الأرض) فمن سره أن يعوده الملح عذباً فليصعده.
(ثم يخرج به) أي بذلك الماء من الأرض، وصيغة المضارع لاستحضار الصورة (زرعاً مختلفاً ألوانه) من أصفر وأخضر وأبيض وأحمر؛ أو من بر وشعير وغيرهما إذا كان المراد بالألوان الأصناف، وشمل لفظ الزرع جميع ما يستنبت حتى المقات.
(ثم يهيج) أي يجف وييبس يقال: هاج النبت يهيج هيجاً إذا تم جفافه وحان له أن ينتشر عن منبته، قال الجوهري: يقال: هاج النبت هياجاً


الصفحة التالية
Icon