أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ (٢٤) كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ (٢٥) فَأَذَاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٢٦) وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (٢٧) قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ (٢٨) ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٢٩) إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ (٣٠)
(أفمن يتقي بوجهه) الاستفهام للإنكار وقد تقدم الكلام فيه، وهذه الفاء الداخلة على من في قوله: أفمن حق عليه عاطفه ومن مبتدأ والخبر محذوف لدلالة المقام عليه، والمعنى أفمن شأنه أن يقي نفسه بوجهه الذي هو أشرف أعضائه (سوء العذاب يوم القيامة) لكون يده قد صارت مغلولة إلى عنقه كمن هو آمن لا يعتريه شيء من ذلك، ولا يحتاج إلى الاتقاء؟ قال الزجاج المعنى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب كمن يدخل الجنة؟.
قال عطاء وابن زيد يرمي به مكتوفاً في النار، فأول شيء تمس النار منه وجهه. وقال ابن عباس: ينطلق به إلى النار مكتوفاً ثم يرمي به فيها، فأول ما يمس وجهه النار. وقال مجاهد يجر على وجهه في النار. قال الأخفش المعنى أفمن يتقي بوجهه سوء العذاب أفضل؟ أم من سعد؟ مثل قوله تعالى (أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمناً يوم القيامة) ثم أخبر سبحانه عما يقوله الخزنة للكفار فقال:
(وقيل للظالمين ذوقوا ما كنتم تكسبون) وهو معطوف على يتقي أي ويقال لهم، وجاء بصيغة الماضي للدلالة على التحقيق، ووضع الظاهر موضع المضمر للتسجيل عليهم بالظلم، والإشعار بعلة الأمر في قوله. ذوقوا قال عطاء أي جزاء ما كنتم تعلمون، ومثل هذه الآية قوله (هذا ما كنزتم