لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون) وقد تقدم الكلام على معنى الذوق في غير موضع ثم أخبر سبحانه عن حال من قبلهم من الكفار فقال:
(كذب الذين من قبلهم) أي من قبل الكفار المعاصرين لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، والمعنى أنهم كذبوا رسلهم (فَأَتَاهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لَا يَشْعُرُونَ) أي من جهة لا يحتسبون إتيان العذاب منها، وذلك عند أمنهم وغفلتهم عن عقوبة الله لهم بتكذيبهم
(فأذاقهم الله الخزي) أي الذل والهوان (في الحياة الدنيا) بالمسخ والخسف، والقتل والأسر والجلاء، وغير ذلك.
(ولعذاب الآخرة أكبر) لكونه في غاية الشدة مع دوامه (لو كانوا يعلمون) أي لو كانوا ممن يعلم الأشياء ويتفكر فيها ويعمل بمقتضى علمه لآمنوا وما كذبوا، قال المبرد: يقال لكل ما نال الجارحة من شيء قد ذاقته أي وصل إليها كما تصل الحلاوة والمرارة إلى الذائق لهما، قال: والخزي المكروه.
(ولقد) اللام موطئة للقسم (ضربنا للناس في هذا القرآن) أي جعلنا وأوجدنا وبينا (من كل مثل) قد قدمنا تحقيق المثل وكيفية ضربه في غير موضع، ومعنى من كل مثل ما يحتاجون إليه في أمر دينهم، وليس المراد ما هو أعم من ذلك، فهو هنا كما في قوله (ما فرطنا في الكتاب من شيء) أي من شيء يحتاجون إليه في أمر دينهم، وقيل: المعنى ما ذكرنا من إهلاك الأمم السالفة مثل لهؤلاء (لعلهم يتذكرون) يتعظون فيعتبرون.
(قرآناً عربياً) حال مؤكدة من هذا، وتسمى هذه حالاً موطئة لأن الحال في الحقيقة هو عربياً وقرآناً توطئة له، نحو جاءني زيد رجلاً صالحاً، كذا قال الأخفش، ويجوز أن ينتصب على المدح، قال الزجاج. عربياً منتصب على الحال، وقرآناً توكيد.
(غير ذي عوج) أي لا اختلاف فيه بوجه من الوجوه، قال الضحاك: