فيقعون في ورطة الشرك والضلال.
قال الواحدي والبغوي والمراد بالأكثر الكل، والظاهر خلاف ما قالاه، فإن المؤمنين بالله يعلمون ما في التوحيد من رفعة شأنه، وعلو مكانه، وأن الشرك لا يماثله بوجه من الوجوه، ولا يساويه في وصف من الأوصاف، ويعلمون أن الله سبحانه يستحق الحمد على هذه النعمة، وأن الحمد مختص به.
ثم أخبر سبحانه رسوله صلى الله عليه وآله وسلم بأن الموت يدركه ويدركهم لا محالة، فقال:
(إنك ميت وإنهم ميتون) وذلك إنهم كانوا يتربصون برسول الله ﷺ الموت، فأخبر أن الموت يعمهم جميعاً، فلا معنى للتربص، وشماتة الفاني بالفاني وهذا تمهيد لما يعقبه من الخصام يوم القيامة، قرأ الجمهور ميت وميتون بالتشديد، وقرىء مائت ومائتون، وبها قرأ عبد الله بن الزبير، وقد استحسن هذه القراءة بعض المفسرين لكون موته وموتهم مستقبلاً، ولا وجه للاستحسان فإن قراءة الجمهور تفيد هذا المعنى، قال الفراء والكسائي: الميت بالتشديد من لم يمت وسيموت، والميت بالتخفيف من قد مات وفارقته الروح قال الخليل: أنشد أبو عمرو:

وتسألني تفسير ميت وميت فدونك قد فسرت إن كنت تعقل
فمن كان ذا روح فذلك ميت وما الميت إلا من إلى القبر يحمل
وقال السمين: ولا خلاف بين القراء في تثقيل مثل هذا؟ قال قتادة: نعيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، نفسه ونعيت إليهم أنفسهم، ووجه هذا الإخبار الإِعلام للصحابة بأنه يموت، فقد كان بعضهم يعتقد أنه لا يموت مع كونه توطئة وتمهيداً لما بعده أخرج النسائي وغيره عن ابن عمر قال: لقد لبثنا برهة من دهرنا ونحن نرى أن هذه الآية نزلت فينا وفي أهل الكتابين من قبلنا، حتى رأيت بعضنا يضرب وجوه بعض بالسيف، فعرفت أنها نزلت فينا.


الصفحة التالية
Icon