(أليس في جهنم مثوى للكافرين) أي أليس لهؤلاء المفترين المكذبين بالصدق؟ والمثوى المقام وهو مشتق من ثوى بالمكان إذا أقام به، يثوى ثواء وثوياً، مثل مضى مضاء ومضياً، وحكى أبو عبيدة أنه يقال: أثوى، وأنكر ذلك الأصمعي وقال: لا نعرف أثوى ثم ذكر سبحانه فريق المؤمنين المصدقين فقال:
(والذي جاء بالصدق وصدق به) الموصول في موضع رفع بالابتداء وهو عبارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن تابعه. وقيل الذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به أبو بكر، قاله علي بن أبي طالب، وعن أبي هريرة مثله، وقال مجاهد الذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي صدق به علي بن أبي طالب.
وقال السدي الذي جاء بالصدق جبريل، والذي صدق به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال قتادة ومقاتل وابن زيد الذي جاء بالصدق النبي ﷺ والذي صدق به المؤمنون. وقال النخعي الذي جاء بالصدق وصدق به هم المؤمنون الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة.
وقيل إن ذلك عام في كل من دعا إلى توحيد الله وأرشد إلى ما شرعه لعباده، واختار هذا ابن جرير وهو الذي اختاره من هذه الأقوال، ويؤيده قراءة ابن مسعود، والذين جاؤوا بالصدق وصدقوا به، وقرىء صدق به بالتخفيف، أي صدق به الناس، قال ابن عباس الذي جاء بالصدق يعني بلا إله إلا الله وصدق به يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل الذي جاء بالصدق هو جبريل جاء بالقرآن وصدق به محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل الذي جاء بالصدق الأنبياء وصدق به الأتباع والكل صحيح.
قالوا والوجه في العربية أن يكون جاء وصدق لفاعل واحد، لأن التغاير يستدعي إضمار الذي وذا غير جائز وإضمار الفاعل من غير تقدم الذكر وذا بعيد. ولفظ الذي كما وقع في قراءة الجمهور وإن كان مفرداً فمعناه الجمع