واختار أبو عبيدة وأبو حاتم قراءة أبي عمرو لأن كاشفات اسم فاعل في معنى الاستقبال، وما كان كذلك فتنوينه أجود وبها قرأ الحسن وعاصم، قال مقاتل: لما نزلت هذه الآية سألهم النبي صلى الله عليه وسلم، فسكتوا وقال غيره قالوا لا تدفع شيئاًً من قدر الله، ولكنها تشفع فنزل:
(قل حسبي الله) في جميع أموري في جلب النفع ودفع الضر (عليه يتوكل المتوكلون) أي عليه لا على غيره يعتمد المعتمدون، ثم أمره الله سبحانه أن يهددهم ويتوعدهم فقال
(قل يا قوم اعملوا على مكانتكم) أي على حالتكم التي أنتم عليها وتمكنتم منها، والمكانة بمعنى المكان فاستعيرت عن العين للمعنى كما يستعار هنا، وحيث للزمان وهما للمكان (إني عامل) على حالتي التي أنا عليها، وتمكنت منها، وحذف ذلك للعلم به مما قبله.
(فسوف تعلمون
من يأتيه عذاب يخزيه) أي يهينه ويذله في الدنيا، فيظهر عند ذلك أنه المبطل وخصمه المحق، والمراد بهذا العذاب عذاب الدنيا وما حل بهم من القتل والأسر والقهر والذلة، ثم ذكر عذاب الآخرة فقال:
(ويحل عليه عذاب مقيم) أي دائم مستمر في الدار الآخرة، وهو عذاب النار، وهو مجاز في الطرف أو في الإسناد، وأصله مقيم فيه صاحبه، ثم لما كان يعظم على رسول الله ﷺ إصرارهم على الكفر أخبره بأنه لم يكلف إلا بالبيان، لا بأن يهدي من ضل فقال: