(الرزق لمن يشاء) أن يوسعه له، وإن كان لا حيلة له ولا قوة امتحاناً (ويقدر) أي يقبضه على من يشاء أن يقبضه، ويضيقه عليه، وإن كان قوياً شديد الحيلة ابتلاه، وقيل: يجعله على قدر قوت، قال مقاتل: وعظهم الله ليعتبروا في توحيده، وذلك حين مطروا بعد سبع سنين، فقال: أولم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء؟ ويقتر على من يشاء؟ فلا قابض ولا باسط إلا الله تعالى، ويدل على ذلك أنا نرى الناس مختلفين في سعة الرزق وضيقه، فلا بد لذلك من حكمة وسبب، وذلك السبب ليس هو عقل الرجل وجهله، فإنا نرى العاقل القادر في أشد الضيق، والجاهل الضعيف في أعظم السعة.
(إن في ذلك) المذكور من التوسيع والتضييق (لآيات) أي لدلالات عظيمة وعلامات جليلة (لقوم يؤمنون) بالله، وإنما خص المؤمنين لأنهم المنتفعون بالآيات، المتفكرون فيها، ثم لما ذكر سبحانه ما ذكره من الوعيد عقبة بذكر سعة رحمته، وعظيم معرفته، وأمر رسوله ﷺ أن يبشرهم بذلك فقال:
(قل يا عبادي) قرىء بإثبات الياء وصلاً ووقفاً. وبغير الياء. وهما سبعيتان (الذين أسرفوا) أي أفرطوا (على أنفسهم) في الكفر أو المعاصي واستكثروا منها (لا تقنطوا) بفتح النون وبكسرها أي لا تيأسوا (من رحمة الله) أي من مغفرته، وفي هذه الآية من أنواع المعاني والبيان أشياء حسنة: منها إقباله تعالى عليهم، ونداؤهم ومنها إضافتهم إليه إضافة تشريف ومنها الالتفات من التكلم إلى الغيبة في قوله: (من رحمة الله) ومنها إضافة الرحمة لأجل أسمائه الحسنى، ومنها إعادة الظاهر بلفظه في قوله الآتي: (إن الله)، قاله السمين.
وقال عبد الله وغيره: هذه الآية أرجى آية في كتاب الله سبحانه لاشتمالها على أعظم بشارة فإنه أولاً أضاف العباد إلى نفسه لقصد تشريفهم ومزيد تبشيرهم، ثم وصفهم بالإسراف في المعاصي والاستكثار من