يريدون بها باطلاً.
قال أبو المنصور: هذا الكافر أعرف بهداية الله من المعتزلة، وكذا أولئك الكفرة الذين قالوا لأتباعهم (لو هدانا الله لهديناكم) ولكن علم منا اختيار الضلالة والغواية فخذلنا ولم يوفقنا، والمعتزلة يقولون: بل هداهم وأعطاهم التوفيق، لكنهم لم يهتدوا ثم ذكر سبحانه مقالة أخرى مما قالوه فقال:
(أو تقول حين ترى العذاب) والتعبير بأو للدلالة على أن النفس لا تخلو عن هذه الأقوال تحسراً وتحيراً وتعللاً بما لا طائل تحته، فأو للتنويع لما تقوله النفس في ذلك اليوم، ويصح أن تكون مانعة خلو فتجوز الجمع (لو أن لي كرة) أي رجعة إلى الدنيا (فأكون من المحسنين) المؤمنين بالله الموحدين له، المحسنين في أعمالهم، ثم ذكر سبحانه جوابه على هذه النفس المتمنية المتعللة بغير علة فقال:
(بلى) أي فيقال له من قبل الله: بلى الخ كأنه قال: ما هداني الله فيقال بلى (قد جاءتك آياتي) مرشدة لك، والمراد بالآيات هي الآيات التنزيلية وهو القرآن (فكذبت بها) وهو قوله: إنها ليست من عند الله (واستكبرت) أي تكبرت عن الإيمان بها (وكنت) مع ذلك التكذيب والاستكبار (من الكافرين) بالله.
وجاء سبحانه بخطاب المذكر في قوله جاءتك وكذبت، واستكبرت، وكنت لأن النفس تطلق على المذكر والمؤنث. قال المبرد: تقول العرب نفس واحد أي إنسان واحد، أو التذكير باعتبار كونها شخصاً كافراً قرأ الجمهور بفتح التاء في هذه المواضع، وقرىء بكسرها في جميعها وهي قراءة أمير المؤمنين أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، وبنته عائشة، وأم سلمة، ورويت عن ابن كثير.


الصفحة التالية
Icon