عقبه فقالوا له: هذا لك يا محمد وتكف عن شتم آلهتنا، ولا تذكرها بسوء، قال: حتى أنظر ما يأتيني من ربي، فجاء بالوحي: (قل يا أيها الكافرون) إلى آخر السورة، وأنزل الله عليه (قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي) إلى قوله: (مِنَ الْخَاسِرِينَ) (١).
_________
(١) سيأتي الكلام عنه عند تفسيرنا لسورة الكافرون.
(ولقد) هذه اللام دالة على قسم مقدر أي والله لقد (أوحي إليك وإلى الذين من قبلك) من الرسل (لئن) جواب القسم وهذه اللام أيضاًً دالة على قسم مقدر أي والله لئن (أشركت) يا محمد فرضاً (ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين) وكل من هاتين اللامين واقعة في جواب القسم الثاني، والثاني وجوابه جواب الأول، وجواب الشرط محذوف لدلالة جواب القسم عليه، وهذا الكلام من باب التعريض لغير الرسل، لأن الله سبحانه قد عصمهم عن الشرك، ووجه إيراده على هذا الوجه التحذير والإنذار للعباد من الشرك، لأنه إذا كان موجباً لإِحباط عمل الأنبياء على الفرض والتقدير، فهو محبط لعمل غيرهم من أممهم بطريق الأولى.
قيل وفي الكلام تقديم وتأخير، والتقدير ولقد أوحي إليك لئن أشركت الخ وأوحى إلى الذين من قبلك كذلك، قال مقاتل أي أوحي إليك وإلى الأنبياء قبلك بالتوحيد، والتوحيد محذوف، ثم قال: لئن أشركت يا محمد ليحبطن عملك، وهو خطاب للنبي ﷺ خاصة.
وقيل إفراد الخطاب في لئن أشركت، باعتبار كل واحد من الأنبياء كأنه قيل أوحي إليك وإلى كل واحد من الأنبياء هذا الكلام، لئن أشركت، وهذه الآية مقيدة بالموت على الشرك كما في الآية الأخرى.
(ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم) وقيل هذا خاص بالأنبياء لأن الشرك منهم أعظم ذنباً من الشرك من غيرهم والأول أولى، ثم أمر الله سبحانه رسوله ﷺ بتوحيده فقال:


الصفحة التالية
Icon