(ووضع الكتاب) قيل: هو اللوح المحفوظ، وقال قتادة يعني الكتب والصحف التي فيها أعمال بني آدم، فآخذ بيمينه وآخذ بشماله، وكذا قال مقاتل: وقيل هو من وضع المحاسب كتاب المحاسبة بين يديه، أي وضع الكتاب للحساب (وجىء بالنبيين) إلى الموقف فسئلوا عما أجابتهم به أممهم.
(والشهداء) الذين يشهدون على الأمم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، كما في قوله (وكذلك جعلناكم أمة وسطاً لتكونوا شهداء على الناس) وقيل المراد بالشهداء الذين استشهدوا في سبيل الله، فيشهدون يوم القيامة لمن ذب عن دين الله. قاله السدي وقيل هم الحفظة كما قال تعالى: (وجاءت كل نفس معها سائق وشهيد) قاله ابن زيد قال ابن عباس النبيون الرسل والشهداء الذين يشهدون لهم بالبلاغ ليس فيهم طعان ولا لعان يشهدون بتبليغ الرسالة وتكذيب الأمم إياهم.
ولما بين سبحانه أنه يوصل لكل ذي حق حقه عبر عن هذا المعنى بأربع عبارات أولاها قوله (وقضى بينهم بالحق) أي قضى بين العباد بالعدل والصدق، والثانية (وهم لا يظلمون) أي والحال أنهم لا ينقصون من ثوابهم ولا يزاد على ما يستحقونه من عقابهم ختم الآية بنفي الظلم كما افتتحها بإثبات العدل، والثالثة
(ووفيت كل نفس ما عملت)، من خير وشر أي جزاءه والرابعة (وهو أعلم بما يفعلون) في الدنيا لا يحتاج إلى كاتب ولا حاسب ولا شاهد، لأنه عالم بمقادير أفعالهم وبكيفياتها. فامتنع دخول الخطأ عليه، قاله الكرخي، وقال القرطبي ومع ذلك فتشهد الكتب والشهود وإلزاماً للحجة انتهى. يعني إنما وضع الكتاب وجيء بالنبيين والشهداء لتكميل الحجة وقطع المعذرة.
ثم ذكر سبحانه تفصيل ما ذكره من توفية كل نفس ما كسبت فقال:
(وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمراً) أي سيق الكافرون سوقاً عنيفاً إلى النار


الصفحة التالية
Icon