بعدهم) أي وكذبت الأحزاب الذين تحزبوا على الرسل من بعد قوم نوح، كعاد وثمود وغيرهما (وهمت كل أمة) من تلك الأمم المكذبة (برسولهم) الذي أرسل إليهم (ليأخذوه) أي ليتمكنوا منه فيحبسوه ويعذبوه، ويصيبوا منه ما أرادوا. وقال قتادة والسدى ليقتلوه، والأخذ قد يرد بمعنى الإهلاك كقوله: (فأخذتهم فكيف كان نكير) والعرب تسمي الأسير الأخيذ والأخذ بمعنى الأسر.
(وجادلوا) أي خاصموا رسولهم (بالباطل) من القول (ليدحضوا) أي ليزيلوا (به الحق) ومنه مكان دحض أي مزلقة، ومزلة أقدام، والباطل داحض لأنه يزلق ويزول فلا يستقر، قال يحيى بن سلام: جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان (فأخذتهم) أي فأخذت هؤلاء المجادلين بالباطل (فكيف كان عقاب) الذي عاقبتهم به وحذف ياء المتكلم اجتزاء بالكسرة عنها وصلاً ووقفاً لأنها رأس آية.
(وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ) أي وجبت وثبتت ولزمت، يقال: حق الشيء إذا لزم وثبت، والمعنى وكما حقت على الأمم المكذبة لرسلهم كلمة العذاب حقت كلمة ربك أي وعيده (على الذين كفروا) بك، وجادلوك بالباطل، وتحزبوا عليك، وهموا بما لم ينالوا، كما ينبىء عنه إضافة اسم الرب إلى ضميره ﷺ فإن ذلك للإشعار بأن وجوب كلمة العذاب عليهم من إحكام تربيته التي من جملتها نصرته على أعدائه وتعذيبهم، قاله أبو السعود، وقرأ الجمهور كلمة بالتوحيد، وقرىء كلمات بالجمع وجملة.
(أنهم أصحاب النار) للتعليل أي لأجل أنهم مستحقون للنار، قال الأخفش: أي لأنهم، أو بأنهم وقال المحلي بدل من كلمة أي بدل الكل أو الاشتمال على إرادة اللفظ أو المعنى ثم ذكر أحوال حملة العرش ومن حوله فقال:


الصفحة التالية
Icon