تساويها نجاة، حيث وجدوا بأعمال منقطعة نعيماً لا ينقطع، وبأفعال حقيرة ملكاً لا تصل العقول إلى كنه جلالته. قال مطرف أنصح عباد الله للمؤمنين الملائكة وأغش الخلق لهم هم الشياطين.
ثم لما ذكر سبحانه أصحاب النار وأنهم حقت عليهم كلمة العذاب، ذكر أحوالهم بعد دخول النار فقال:
(إن الذين كفروا ينادون) قال الواحدي. قال المفسرون إنهم لما رأوا أعمالهم ونظروا في كتابهم، وأدخلوا النار، ومقتوا أنفسهم بسوء صنيعهم، ناداهم حين عاينوا عذاب الله مناد: (لمقت الله) إياكم في الدنيا (أكبر من مقتكم أنفسكم) اليوم، أو من مقت بعضكم بعضاً اليوم قال الأخفش: هذه اللام هي لام الابتداء وقعت بعد ينادون، لأن معناه يقال لهم، والنداء قول، قال الكلبي: يقول كل إنسان من أهل النار لنفسه مقتك يا نفسي، فتقول الملائكة لهم وهم في النار: لمقت الله إياكم إذ أنتم في الدنيا أشد من مقتكم أنفسكم اليوم. وقال الحسن يعطون كتابهم فإذا نظروا إلى سيئاتهم مقتوا أنفسهم فينادون لمقت الله إياكم في الدنيا.
(إذ تدعون إلى الإيمان) فتكفرون أكبر من مقتكم إذ عاينتم النار والظرف منصوب بمقدر محذوف دل عليه المذكور، أي مقته تعالى إياكم وقت دعائكم، وقيل هو اذكروا، وقيل بالمقت المذكور أولاً، والمقت أشد البغض، والمراد به هنا لازمه وهو الغضب عليهم، وتعذيبهم، قاله أبو السعود وقال الكرخي المراد منه هنا أشد الإنكار والزجر (فتكفرون) أي فتصرون على الكفر اتباعاً لأنفكسم الأمارة، ومسارعة إلى هواها، واقتداء بأخلائكم المضلين، وتقليداً لأسلافكم المتقدمين، واستحباباً لآرائهم. ثم أخبر سبحانه عما يقولونه في النار فقال:


الصفحة التالية
Icon