الصدور، قال: إذا قدر عليها أيزني لها أم لا؟ ألا أخبركم بالتي تليها؟ والله يقضي بالحق، قادر على أن يجزي بالحسنة الحسنة، وبالسيئة السيئة.
وأخرج أبو داود والنسائي وابن مردويه عن سعد قال لما كان يوم فتح مكة أمن النبي ﷺ الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال: اقتلوهم، وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد بن أبي سرح، فاختبأ عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله ﷺ الناس إلى البيعة جاء به فقال: " يا رسول الله بايع عبد الله، فرفع رأسه فنظر إليه ثلاثاً كل ذلك يأبى بيعته ثم بايعه، ثم أقبل على أصحابه فقال أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله، فقالوا ما يدرينا يا رسول الله ما في نفسك؟ هلا أومأت إلينا بعينك فقال إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين ".
(وما تخفي الصدور) أي القلوب من الضمائر، وتستره وتكنه، وتضمره عن معاصي الله أو من أمانة وخيانة أو النظرة الأولى، أو هل يزني بها لو خلا بها أو لا؟
(والله يقضي بالحق) فيجازي كل أحد بما يستحقه من خير وشر.
(والذين يدعون من دونه) أي يعبدونهم من دون الله، قرأ الجمهور بالتحتية يعني الظالمين، وقرىء بالفوقية على الخطاب لهم، وهما سبعيتان (لا يقضون بشيء) لأنهم لا يعلمون شيئاًً ولا يقدرون على شيء. فكيف يكونون شركاء لله، وهذا تهكم بهم لأن ما لا يوصف بالقدرة كالجماد لا يقال فيه يقضي أو لا يقضي.
(إن الله هو السميع البصير) فلا يخفى عليه من المسموعات والمبصرات خافية؛ تقرير لقوله: (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) ولقضائه بالحق، ووعيد لهم بأنه يسمع ما يقولون، ويبصر ما يعملون، وأنه يعاقبهم عليه. وتعريض بما يدعون من دونه وأنها لا تسمع


الصفحة التالية
Icon