فيما بعده، وتأنيث قوم باعتبار المعنى. وهو أنهم أمة وطائفة وجماعة.
(وعاد وفرعون ذو الأوتاد) قال المفسرون كانت له أوتاد يعذب بها الناس وذلك أنه كان إذا غضب على أحد وتد يديه ورجليه ورأسه على الأرض، وقيل: كانت له أوتاد وحبال يلعب بها بين يديه، وما أبرد هذا القول، وقيل ذو القوة والبطش، وقيل: المراد بالأوتاد الجموع والجنود الكثيرة، يعني أنهم كانوا يقوون أمره ويشدون سلطانه، كما تقوى الأوتاد ما ضربت عليه فالكلام خارج مخرج الاستعارة على هذا قال ابن قتيبة، العرب تقول: هم في عز أو في ملك ثابت الأوتاد ويريدون ملكاً دائماً شديداً، وأصل هذا أن البيت من بيوت الشعر إنما يثبت ويقوم بالأوتاد، وقيل: المراد بالأوتاد هنا البناء المحكم، أي وفرعون ذو الأبنية المحكمة، قال الضحاك: والبنيان يسمى أوتاداً والأوتاد جمع وتد، وفيه لغات أفصحها فتح الواو وكسر التاء ويقال: وتد بفتحهما. وود بإدغام التاء في الدال بوزن وج، وودت وهي لغة أهل نجد قال الأصمعي: ويقال وتد واتد مثل شغل شاغل.
(وثمود وقوم لوط وأصحاب الأيكة) أي الغيضة، وهي الأشجار الملتفة المجتمعة، وقد تقدم تفسيرها في سورة الشعراء ومعنى: (أولئك الأحزاب) أنهم الموصوفون بالقوة والكثرة كقولهم فلان هو الرجل، وقريش - وإن كانوا حزباً كما قال الله تعالى فيما تقدم: (جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزَابِ) ولكن هؤلاء الذين قصهم الله علينا من الأمم السالفة هم أكثر منهم عدداً، وأقوى أبداناً، وأوسع أموالاً وأعماراً. وقيل، إن المعنى أن مشركي قريش من أولئك الأحزاب، وهم هم، ومنهم وجد التكذيب، وهذه الجملة مستأنفة أو خبر، والمبتدأ قوله. وعاد كذا قال أبو البقاء وهو ضعيف، بل الظاهر أن (عاد) وما بعده معطوفات على قوم نوح، والأولى أن تكون هذه الجملة خبراً لمبتدأ محذوف أو بدلاً من الأمم المذكورة.
(إن كل) أي ما كل حزب من هذه الأحزاب (إلا كذب الرسل)