الذي يقوله في الدنيا، وهو بعض ما يتوعدكم به من العذاب. وقيل إنه وعدهم بالثواب والعقاب فإذا كفروا أصابهم العذاب، وهو بعض ما وعدهم به وحذفت النون من يكن في الموضعين تخفيفاً لكثرة الاستعمال كما قال سيبويه.
(إن الله لا يهدي من هو مسرف كذاب) هذا من تمام كلام الرجل المؤمن، وهو احتجاج آخر ذو وجهين، أحدهما أنه لو كان موسى مسرفاً كذاباً لما هداه الله إلى البينات، ولا أيده بالمعجزات، وثانيهما أنه إذا كان كذلك خذله الله وأهلكه، فلا حاجة لكم إلى قتله، والمسرف المقيم على المعاصي المستكثر منها، والكذاب المفتري.
(يا قوم لكم الملك اليوم) ذكرهم ذلك الرجل المؤمن ما هم فيه من الملك ليشكروا الله ولا يتمادوا في كفرهم، ومعنى (ظاهرين) الظهور على الناس، والغلبة لهم، والاستعلاء عليهم (في الأرض) أي أرض مصر.
(فمن ينصرنا من بأس الله إن جاءنا) أي من يمنعنا من عذابه ويحول بيننا وبينه عند مجيئه، وفي هذا تحذير منه لهم من نقمة الله بهم، وإنزال عذابه عليهم، وإنما نسب ما يسرهم من الملك والظهور في الأرض لهم خاصة، ونظم نفسه في سلكهم فيما يهمهم من مجيء بأس الله تطييباً لقلوبهم، وإيذاناً بأنه مناصح ساع في تحصيل ما يجديهم، ودفع ما يرديهم، ليتأثروا بنصحه؛ فلما سمع فرعون ما قاله هذا الرجل من النصح الصحيح جاء بمراوغة يوهم بها قومه أنه لهم من النصيحة والرعاية بمكان مكين، وأنه لا يسلك بهم إلا مسلكاً يكون فيه جلب النفع لهم، ودفع الضر عنهم ولهذا.
(قال فرعون ما أريكم إلا ما أرى) أي ما أشير عليكم إلا بما أرى لنفسي، قاله ابن زيد، وهذا تفسير لمآل المعنى، والتفسير المطابق


الصفحة التالية
Icon