لجوهر اللفظ ما قال الضحاك ما أعلمكم إلا ما أعلم من الصواب، وهو قتل موسى والرؤية هنا هي القلبية الاعتقادية، لا البصرية العينية، فتعدى لمفعولين ثانيهما إلا ما أرى.
(وما أهديكم إلا سبيل الرشاد) أي ما أهديكم ولا أدعوكم بهذا الرأي إلا إلى طريق الحق والهدى، قرأ الجمهور بتخفيف الشين، وقرأ معاذ بن جبل - رضي الله تعالى عنه - بتشديدها على أنها صيغة مبالغة كضراب، قال النحاس: هي لحن ولا وجه لذلك. ثم كرر ذلك الرجل المؤمن تذكيرهم، وحذرهم أن ينزل بهم ما نزل بمن قبلهم فقال الله حاكياً عنه:
(وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب) أي مثل يوم عذاب الأمم الماضية الذين تحزبوا على أنبيائهم، وأفرد اليوم لأن جمع الأحزاب قد أغنى عن جمعه، والأحزاب لم ينزل بها العذاب في يوم واحد، بل نزل بها في الدنيا في أيام مختلفة مترتبة ثم فسر الأحزاب فقال:
(مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم) أي مثل حالهم في العذاب، أو مثل عادتهم في الإقامة على التكذيب، أو مثل جزاء ما كانوا عليه من الكفر والتكذيب.
(وما الله يريد ظلماً للعباد) أي لا يعذبهم ولا يعاقبهم بغير ذنب، ولا يترك الظالم منهم بغير انتقام، أو لا يزيد على قدر ما يستحقون من العذاب أو لا يهلكهم إلا بعد إقامة الحجة عليهم، ونفي الإرادة للظلم يستلزم نفي الظلم بفحوى الخطاب وتفسير المعتزلة بأنه لا يريد لهم أن يظلموا بعبد، لأن أهل اللغة قالوا إذا قال الرجل لآخر لا أريد ظلماً لك، معناه لا أريد أن أظلمك ثم زاد الرجل المؤمن في الوعظ والتذكير فقال:


الصفحة التالية
Icon