وشر.
(وأن المسرفين) أي المستكثرين من معاصي الله: قال قتادة وابن سيرين: يعني المشركين، وقال مجاهد والشعبي هم السفهاء السفاكون للدماء بغير حقها؛ وبه قال ابن مسعود، وقال عكرمة الجبارون المتكبرون، وقيل: هم الذين تعدوا حدود الله، والمعنى حق أن المسرفين (هم أصحاب النار) أي أهل جهنم ولما بلغ ذلك المؤمن في باب النصيحة إلى هذا الكلام ختم كلامه بخاتمة لطيفة فقال
(فستذكرون ما أقول لكم) إذا نزل بكم العذاب وتعلمون أني قد بالغت في نصحكم وتذكيركم، وهو كلام مجمل مبهم، وفي هذا الإبهام والإجمال من التخويف والتهديد ما لا يخفى.
(وأفوض أمري إلى الله) مستأنف، أي أتوكل عليه وأسلم أمري إليه قيل: إنه قال هذا لما أرادوا الإيقاع به، قال مقاتل: هرب هذا المؤمن إلى الجبل فطلبوه فلم يقدروا عليه وقيل: القائل هو موسى والأول أولى (إن الله بصير بالعباد) يعلم المحق من المبطل.
(فوقاه الله سيئات ما مكروا) أي ما أرادوا به من المكر السيء وما هموا به من إلحاق أنواع العذاب بمن خالفهم، قال قتادة نجاه الله مع بني إسرائيل من الغرق (وحاق بآل فرعون) أي أحاط بهم ونزل عليهم (سوء العذاب) قال الكسائي: يقال حاق يحيق حيقاً وحيوقاً إذا نزل ولزم قال الكلبي غرقوا في البحر ودخلوا النار، والمراد بآل فرعون فرعون وقومه، وترك التصريح به للاستغناء بذكرهم عن ذكره، لكونه أولى بذلك منهم، أو المراد بآل فرعون فرعون نفسه، والأول أولى لأنهم قد عذبوا في الدنيا جميعاً بالغرق وسيعذبون في الآخرة بالنار، ثم بين سبحانه ما أجمله من سوء العذاب فقال:


الصفحة التالية
Icon