أمره، وقالوا يصنع كذا ويصنع كذا، فأنزل الله هذه الآية. قال: لا يبلغ الذي يقول، فاستعذ بالله، فأمر نبيه أن يتعوذ من فتنة الدجال، لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الدجال، أخرجه عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، قال السيوطي: بسند صحيح، وعن كعب الأحبار قال: هم اليهود نزلت فيهم، فيما ينتظرونه من أمر الدجال. وقال مجاهد (إلا كبر) أي عظمة قريش، ثم أمره الله سبحانه بأن يستعيذ بالله من شرورهم فقال:
(فاستعذ بالله) أي فالتجىء إليه من شرهم، وكيدهم، وبغيهم عليك (إنه هو السميع) لأقوالهم (البصير) بأفعالهم لا تخفى عليه من ذلك خافية ثم بين سبحانه عظيم قدرته فقال
(لخلق السموات والأرض) ابتداء من غير سبق مادة (أكبر من خلق الناس) أي أعظم في النفوس، وأجل في الصدور، لعظم إجرامهما واستقرارهما من غير عمد، وجريان الأفلاك بالكواكب من غير سبب، وأشق بحسب عادة الناس في مزاولة الأفعال من أن علاج الشيء الكبير أشق من علاج الصغير، وإن كان بالنسبة إلى الله لا تفاوت بين الصغير والكبير، فكيف ينكرون البعث وإحياء ما هو دونهما من كل وجه؟ كما في قوله.
(أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِقَادِرٍ عَلَى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ) قال أبو العالية المعنى لخلق السموات والأرض أعظم من خلق الدجال حين عظمته اليهود، وقال يحيى بن سلام هو احتجاج على منكري البعث أي هما أكبر من إعادة خلق الناس.
(ولكن أكثر الناس) أي كفار مكة (لا يعلمون) بعظم قدرة الله، وأنه لا يعجزه شيء فهم كالأعمى، ومن يعلمه كالبصير وقد وردت أحاديث صحيحة كثيرة في ذكر الدجال وصفته، وإنذار الرسل منه لأمتهم وخروجه في آخر الزمان، وما يقع منه، ومن يتبعه من اليهود، كما


الصفحة التالية
Icon