إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ (٥٩) وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (٦٠) اللَّهُ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٦١)
(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا) أي لا شك في مجيئها وحصولها وقيامها لوضوح شواهدها، وإجماع الرسل على الوعد بوقوعها، ولأنه لا بد من جزاء لئلا يكون خلق الخلق للفناء خاصة (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) بتلك ولا يصدقونه لقصور أفهامهم، وضعف عقولهم، عن إدراك الحجة، والمراد بأكثر الناس الكفار الذين ينكرون البعث، ثم لما بين سبحانه أن قيام الساعة حق وليس بمرتاب فيها. ولا شبهة في مجيئها، أرشد عباده إلى ما هو الوسيلة إلى السعادة في دار الخلود فأمر رسوله ﷺ أن يحكي عنه ما أمره بإبلاغه وهو:
(وقال ربكم ادعوني استجب لكم) قال أكثر المفسرين: المعنى وحدوني واعبدوني أتقبل عبادتكم، وأغفر لكم، وأجبكم وأثبكم. وقيل: هذا الوعد بالإجابة مقيد بالمشيئة، أي استجب لكم إن شئت، كقوله (فيكشف ما تدعون إليه إن شاء الله) وقيل: المراد بالدعاء السؤال بجلب النفع ودفع الضر، قيل: الأول أولى لأن الدعاء في أكثر استعمالات الكتاب العزيز هو العبادة.
قلت: بل الثاني أولى، لأن معنى الدعاء حقيقة وشرعاً هو الطلب، فإن استعمل في غير ذلك فهو مجاز، على أن الدعاء في نفسه باعتبار معناه الحقيقي هو عبادة، بل مخ العبادة، كما ورد بذلك الحديث الصحيح، فالله سبحانه قد أمر عباده بدعائه، ووعدهم بالإجابة، ووعده