إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (٨) قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ (٩) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (١٠) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (١١)
الفصل لقصد الحصر.
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي غير مقطوع عنهم، يقال: مننت الحبل إذا قطعته، وقيل: الممنون المنقوص قاله ابن عباس وقطرب، قال الجوهري: المن القطع، ويقال النقص ومنه قوله تعالى (لهم أجر غير ممنون) وقيل غير محسوب، وقيل معنى الآية لا يمن عليهم به لأنه إنما يمن بالتفضل، فأما الأجر فحق أداؤه، وقال السدي نزلت في المرضى والزمنى والهرمى إذا ضعفوا عن الطاعة، كتب لهم من الأجر مثل ما كانوا يعملون في الصحة.
ثم أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم، أن يوبخهم ويقرعهم فقال:
(قل أئنكم) قرأ الجمهور بهمزتين الثانية بين بين، وقرىء بهمزة بعدها ياء خفيفة، وإن واللام إما لتأكيد الإنكار، وقدمت الهمزة لاقتضائها الصدارة وإما للإشعار بأن كفرهم من البعد بحيث ينكر العقلاء وقوعه فيحتاج إلى التأكيد.
(لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين) والمعنى لتكفرون بمن شأنه هذا الشأن العظيم وقدرته هذه القدرة الباهرة، قيل: اليومان هما يوم الأحد ويوم الاثنين، وقيل: خلقهن في نوبتين كل نوبة أسرع مما يكون في يوم، وقيل: المراد مقدار يومين لأن اليوم الحقيقي إنما يتحقق بعد وجود الأرض والسماء ذكرهما تعليماً للأناة، ولو أراد أن يخلقهما في لحظة لفعل.


الصفحة التالية
Icon