المتقدمين، قاله الزجاج وغيره، قال ابن الأنباري: ومثاله قول القائل: خرجت من البصرة إلى بغداد في عشرة أيام وإلى الكوفة في خمسة عشر يوماً، أي في تتمة خمسة عشر يوماً، فيكون المعنى: إن حصول جميع ما تقدم من خلق الأرض وما بعدها في أربعة أيام كاملة مستوية بلا زيادة ولا نقصان ولولا هذا التقدير لكانت الأيام ثمانية يومان في الأول وهو قوله (خلق الأرض في يومين) ويومان في الأخير وهو قوله الآتي: (فقضاهن سبع سموات في يومين) وأربعة في الوسط.
وقال أبو البقاء: ولعل زيادة مدة الأرض على مدة السماء جرياً على ما يتعارف من أن بناء السقف أخف من بناء البيت، وقيل: للتنبيه على أن الأرض هي المقصودة بالذات لما فيها من الثقلين وكثرة المنافع، وقيل: لما فيها من الابتلاء بالمعاصي، والمجاهدات والمجادلات والمعالجات.
عن ابن عباس أن اليهود أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فسألته عن خلق السموات والأرض، فقال " خلق الله الأرض في يومين الأحد والاثنين، وخلق الجبال وما فيهن من منافع يوم الثلاثاء وخلق يوم الأربعاء الشجر والحجر والماء والمدائن والعمران والخراب فهذه أربعة أيام فقال تعالى: قل أئنكم لتكفرون إلى قوله للسائلين، وخلق يوم الخميس السماء، وخلق يوم الجمعة النجوم، والشمس والقمر والملائكة إلى ثلات ساعات بقين منه، فخلق من أول ساعة من هذه الثلاث الآجال حين يموت من مات، وفي الثانية ألقى فيها من كل شي مما ينتفع به، وفي الثالثة خلق آدم وأسكنه الجنة، وأمر إبليس بالسجود له، وأخرجه منها في آخر ساعة قالت اليهود ثم ماذا يا محمد؟ قال: ثم استوى على العرش، قالوا قد أصبت لو أتممت. قالوا ثم استراح، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم، غضباً شديداً فنزل: (وَلَقَدْ خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَمَا مَسَّنَا مِنْ لُغُوبٍ (٣٨) فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ) أخرجه ابن جرير والنحاس في ناسخه وأبو الشيخ في العظمة


الصفحة التالية
Icon