وتطوف به الملائكة بحذاء الكعبة، والذي في السماء الدنيا هو البيت المعمور.
(وزينا السماء الدنيا) أي التي تلي الأرض (بمصابيح) أي بكواكب مضيئة متلألئة عليها كتلألؤ المصابيح، وفيه التفات إلى نون العظمة لإِبراز مزيد العناية بالتزيين المذكور.
(وحفظاً) أي وحفظناها حفظاً أو خلقنا المصابيح زينة وحفظاً والأول أولى. قال أبو حيان في الوجه الثاني هو تكلف عدول عن السهل البين، والمراد بالحفظ حفظها من الشياطين الذين يسترقون السمع (ذلك) أي ما وقع وتقدم ذكره (تقدير العزيز العليم) أي البليغ القدرة الكثير العلم.
(فإن أعرضوا) عن التدبر والتفكر في هذه المخلوقات، وعن الإيمان بعد هذا البيان -وفيه التفات من خطابهم بقوله أئنكم إلى الغيبة لفعلهم الإِعراض- فأعرض عن خطابهم، وهو تناسب حسن.
(فقل أنذرتكم) أي خوفتكم، وصيغة الماضي للدلالة على تحقق الإنذار المنبىء عن تحقق المنذر به (صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود) أي عذاباً مثل عذابهم، والمراد بالصاعقة العذاب المهلك من كل شيء، قال المبرد: الصاعقة المرة المهلكة لأي شيء كان، والصاعقة في الأصل هي الصيحة التي يحصل بها الهلاك أو قطعة نار تنزل من السماء معها رعد شديد، والمراد بها هنا مطلق العذاب. لكن بالنظر إلى الصاعقة الأولى، وأما الثانية فالمراد بها حقيقتها، قرأ الجمهور صاعقة بالألف في الموضعين، وقرىء صعقة فيهما، وقد تقدم بيان معنى الصاعقة والصعقة في البقرة.
(إذ جاءتهم) أي إلى عاد وثمود، وإنما خص هاتين القبيلتين لأن قريشاً كانوا يمرون على بلادهم (الرسل) أي هود وصالح ومن قبلهما وكان هود وصالح بين نوح وإبراهيم، وليس بينهما غيرهما من الرسل، وأن الذين تقدموا عليهما من الرسل أربعة: نوح وإدريس وشيث وآدم.
(من بين أيديهم ومن خلفهم) أي أتوهم من كل جانب، وعملوا


الصفحة التالية
Icon