وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢١) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (٢٢) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٢٣)
(وقالوا لجلودهم) لأنها قد اشتملت على ثلاث حواس فكان تأتي المعصية من جهتها أكثر، وأما على قول من قال بالفروج فوجه تخصيصها بالسؤال ظاهر، لأن ما يشهد به الفرج من الزنا أعظم قبحاً وأجلب للخزي والعقوبة، قيل: والمراد بالجلود هنا المعنى الأعم، فليس في سؤالهم ترك سؤال السمع والبصر، بل هما داخلان في الجلود بالمعنى الذي علمته (لم شهدتم علينا) سؤال توبيخ وتعجب من هذا الأمر الغريب لكونها ليست مما ينطق ولكونها كانت في الدنيا مساعدة لهم على المعاصي فكيف تشهد الآن عليهم فلذلك استغربوا شهادتها وخاطبوها بصيغة خطاب العقلاء، لصدور ما يصدر من العقلاء عنها وهو الشهادة.
(قالوا) مجيبين لهم معتذرين: (أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) مما ينطق من مخلوقاته، فشهدنا عليكم بما عملتم من القبائح، وقيل: المعنى ما نطقنا باختيارنا بل أنطقنا الله والأول أولى، والمعنى أن نطقنا ليس بعجيب من قدرة الله الذي قدر على إنطاق كل حيوان.
(وهو خلقكم أول مرة وإليه ترجعون) قيل: هذا من تمام كلام الجلود، وقيل إنه من كلام الملائكة، وقيل: مستأنف من كلام الله، والمعنى أن من قدر على خلقكم وإنشائكم ابتداء قدر على إعادتكم ورجعكم إليه، ولعل صيغة المضارع مع أن هذه المحاورة بعد البعث والرجوع لما أن


الصفحة التالية
Icon