يدعو وفي الحديث " فقد لغوت " وهذا موافق لقراءة غير الجمهور.
وقد تقدم الكلام في اللغو في سورة البقرة (لعلكم تغلبون) أي لكي تغلبوا فيسكتوا، عن ابن عباس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو بمكة إذا قرأ القرآن يرفع صوته فكان المشركون يطردون الناس عنه ويقولون (لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون) وكان إذا أخفى قراءته لم يسمع من يحب أن يسمع القرآن فأنزل الله (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) " أخرجه ابن أبي حاتم.
ثم توعدهم سبحانه على ذلك فقال:
(فلنذيقن الذين كفروا عذاباً شديداً) هذا وعيد لجميع الكفار ويدخل فيهم الذين السياق معهم دخولاً أولياً (ولنجزينهم أسوأ الذي كانوا يعملون) أي ولنجزينهم في الآخرة جزاء أقبح أعمالهم التي عملوها في الدنيا قال مقاتل وهو الشرك وقيل المعنى أنه يجازيهم بمساوىء أعمالهم لا بمحاسنها كما يقع منهم من صلة الأرحام وإكرام الضيف لأن ذلك باطل لا أجر له مع كفرهم.
وفي هذا تعريض بمن لا يكون عند كلام الله المجيد خاضعاً خاشعاً متفكرا متدبراً وتهديد ووعيد لمن يصدر عنه عند سماعه ما يشوش على القارىء ويخلط عليه القراءة فانظر إلى عظمة القرآن وتأمل في هذا التغليظ والتشديد وأشهد لمن عظمه وأجل قدره وألقى إليه السمع وهو شهيد بالفوز العظيم والأجر الكبير.
(ذلك) أي العذاب الشديد وأسوأ الجزاء (جزاء أعداء الله النار) بدل أو عطف بيان للجزاء المخبر به عن ذلك أو خبر مبتدأ مضمر أو مبتدأ خيره (لهم فيها دار الخلد) أي دار الإقامة المستمرة التي لا انقطاع لها ولا انتقال عنها (جزاء بما كانوا بآياتنا يجحدون) أي يجزون جزاء بسبب جحدهم بآيات الله.
قال مقاتل يعني القرآن يجحدون أنه من عند الله وعلى هذا يكون التعبير عن اللغو بالجحود لكونه سبباً له إقامة للسبب مقام المسبب.


الصفحة التالية
Icon