يعاديه، وقيل بالمصافحة عند التلاقي.
والمعنى أن الحسنة والسيئة متفاوتتان في أنفسهما، فخذ بالحسنة التي هي أحسن من أختها إذا اعترضتك حسنتان فادفع بها السيئة التي ترد عليك من بعض أعدائك، كما لو أساء إليك رجل إساءة فالحسنة أن تعفو عنه والتي هي أحسن أن تحسن إليه مكان إساءته إليك، مثل أن يذمك فتمدحه، أو يقتل ولدك فتفتدي ولده من يد عدوه، ووضع التي هي أحسن موضع الحسنة ليكون أبلغ في الدفع بالحسنة، لأن من دفع بالحسنى هان عليه الدفع بما دونها.
(فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم) هذه هي الفائدة الحاصلة من الدفع بالتي هي أحسن، والمعنى أنك إذا فعلت ذلك الدفع صار العدو كالصديق، والبعيد عنك كالقريب منك، وقال مقاتل: نزلت في أبي سفيان ابن حرب كان معادياً للنبي صلى الله عليه وسلم، فصار له ولياً بالمصاهرة التي وقعت بينه وبينه، ثم أسلم فصار ولياً في الإسلام، حميماً بالمصهارة، وقيل غير ذلك، والأولى حمل الآية على العموم.
(وما يلقاها) قال الزجاج: أي ما يلقى هذه الفعلة وهذه الحالة وهي دفع السيئة بالحسنة (إلا الذين صبروا) على كظم الغيظ، واحتمال المكروه، وتجرع الشدائد، وترك الانتقام. وقال أنس: الرجل يشتمه أخوه فيقول: إن كنت صادقاً غفر الله لي، وإن كنت كاذباً فغفر الله لك.
(وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم) في الثواب والخير، أو من الخلق الحسن وكمال النسب، وهذا أنسب. وقال قتادة: الحظ العظيم الجنة أي ما يلقاها إلا من وجبت له الجنة، وقيل الضمير في يلقاها عائد إلى الجنة، وقيل راجعة إلى كلمة التوحيد، قرأ الجمهور، يلقاها من التلقية، وقرىء تلاقاها من الملاقاة ثم أمر سبحانه بالاستعاذة من الشيطان فقال:


الصفحة التالية
Icon