وقيل: وجه تخصيصه أنه أقصى مراتب العبادة.
وهذه الآية من آيات السجود بلا خلاف، وإنما اختلفوا في موضع السجدة فقيل: موضعها عند قوله (إن كنتم إياه تعبدون)، لأنه متصل بالأمر، وقيل عند قوله (وهم لا يسأمون) لأنه تمام الكلام، وعن ابن عباس أنه كان يسجد بآخر الآيتين من حم السجدة، وكان ابن مسعود يسجد بالأولى منهما، وعن ابن عمر أنه كان يسجد بالأولى ويسجد بالآية الأخيرة.
(فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ) أي إن استكبر هؤلاء عن الامتثال فدعهم وشأنهم، فإن لله عباداً يعبدونه كالملائكة يديمون التسبيح لله سبحانه بالليل والنهار، أو يصلون له وهم لا يملون ولا يفترون، يعني أن الله لا يعدم عابداً أبداً، بل من خلقه من يعبده على الدوام، والعندية عندية مكانة وتشريف، وفي الحديث " أنا عند ظن عبدي بي " و " أنا عند المنكسرة قلوبهم ".
(ومن آياته) الدالة على قدرته ووحدانيته (أنك) الخطاب لكل من يصلح له، أو لرسول الله ﷺ (ترى الأرض) أي بعضها بحاسة البصر، وبعضها بعين البصيرة، قياساً على ما أبصرت (خاشعة) يابسة لا نبات فيها، متطامنة، وهي أنسب بلفظ خاشعة، والخاشعة اليابسة الجدبة الجامدة، وقيل: الغبراء التي لا تنبت، قال الأزهري. إذا يبست الأرض ولم تمطر، قيل: قد خشعت والخشوع التذلل والتقاصر، فاستعير لحال الأرض إذا كانت قحطة لا نبات فيها، كما وصفها بالهمود في قوله تعالى (وترى الأرض هامدة) وهو خلاف وصفها بالاهتزاز والربو كما قال: (فإذا أنزلنا عليها الماء) أي ماء المطر أو غيره (اهتزت) تحركت بالنبات حركة عظيمة كثيرة سريعة فكان كمن يعالج ذلك بنفسه، يقال اهتز الإنسان إذا تحرك.
(وربت) انتفخت وعلت قبل أن تنبت، قاله مجاهد وغيره أي تصدعت عن النبات بعد موتها، وعلى هذا ففي الكلام تقديم وتأخير


الصفحة التالية
Icon